نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 26
صلوات اللّه عليه، و لذلك
كان يقلب العصا ثعبانا مبينا، و يفلق البحر أفلاقا، كالأطواد، إلى غير ذلك من
آياته عليه السلام؟
و الذي انتحلوا فاسد
معتقدهم من أجله، ما ظهر على يد عيسى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من إبراء
الأكمه و الأبرص و إحياء الموتى بإذن اللّه. فإذا عورضوا بآيات غيره من الأنبياء
عليهم السلام، اضطربت مذاهبهم، و لم يرجعوا إلى محصول، إذ أصلهم أن الاتحاد لم يقع
إلا بالمسيح عليه السلام.
ثم مذهبهم أن الأقانيم
آلهة، و النصارى مع اختلاف فرقها مجتمعون على التثليث؛ فنقول لهم: كل أقنوم لا
يتصف عندكم بالوجود على حياله، فكيف يتصف بالإلهية ما لا يتصف بالوجود؟
و سنقيم واضح الأدلة على
أن الإله يجب أن يكون حيا عالما قادرا، فلو كان أقنوم العلم إلها لوجب أن يكون حيا
قادرا. ثم يقال لهم: هلا جعلتم الآلهة أربعة: الجوهر، و الوجود، و الحياة، و
العلم؟ لو لا الركون إلى محض التحكم في الدين!.
ثم أطبقت النصارى على أن
المسيح إله، و أطبقوا على أنه ابن، و اتفقوا على أنه لاهوت و ناسوت، و هذه
مناقضات؛ فإن إطلاق اسم الإله يمحض حكم الإلهية، و ليس المسيح إلها محضا.
ثم أطبقوا على أن المسيح
صلب، و لما روجعوا قالوا: المصلوب الناسوت، و الناسوت المحض ليس هو المسيح. و
نعتضد الرد عليهم بإثبات الوحدانية، و فيما قلناه أكمل مقنع.
باب العلم بالوحدانية
الباري سبحانه و تعالى
واحد، و الواحد في اصطلاح الأصوليين الشيء الذي لا ينقسم، و لو قيل الواحد هو
الشيء لوقع الاكتفاء بذلك. و الرب سبحانه و تعالى موجود فرد، متقدس عن قبول
التبعيض و الانقسام. و قد يراد بتسميته واحدا أنه لا مثل له و لا نظير. و يترتب
على اعتقاد حقيقة الوحدانية. إيضاح الدليل على أن الإله ليس بمؤلف؛ إذ لو كان
كذلك، تعالى اللّه عنه و تقدس، لكان كل بعض قائما بنفسه عالما حيا قادرا، و ذلك
تصريح بإثبات إلهين.
و الغرض من ذلك يبتنى على
أن حكم العلم يختص بما قام به، و كذلك القول في جملة المعاني الموجبة أحكامها لما
قامت به. و لو قدر بعضين، و حكم بقيام العلم و القدرة و الحياة بأحدهما، فهو
الإله، و الزائد عليه قديم على هذا التقدير غير متصف بأوصاف الألوهية، و ذلك ما
نوضح بطلانه في آخر هذا الباب. فإذا، اتضح المراد من حقيقة الوحدانية على الجملة.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 26