نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 19
فإذا تبين ذلك في معنى
الوقت، فليس من شرط وجود الشيء أن يقارنه موجود آخر، إذا لم بتعلق أحدهما بالثاني
في قضية عقلية، و لو افتقر كل موجود إلى وقت، و قدرت الأوقات موجودة، لافتقرت إلى
أوقات، و ذلك يجر إلى جهالات لا ينتحلها عاقل، و الباري سبحانه قبل حدوث الحوادث
منفرد بوجوده و صفاته، لا يقارنه حادث.
فصل
الباري سبحانه و تعالى
قائم بنفسه، متعال عن الافتقار إلى محل يحله أو مكان يقله. و اختلفت عبارات الأئمة
رحمهم اللّه تعالى، في معنى القائم بالنفس؛ فمنهم من قال: هو الموجود المستغني عن
المحل، و الجوهر على ذلك قائم بنفسه؛ و قال الأستاذ الإمام أبو إسحاق رحمه اللّه[1]: القائم بالنفس هو الموجود المستغني
عن المحل و المخصص؛ و ذلك يختص عنده بالباري تعالى، إذ الجوهر، و إن لم يفتقر إلى
محل يحله، فقد افتقر وجوده ابتداء إلى مخصص قادر.
و الغرض المعنيّ من هذا
الفصل، هو إقامة الدليل على تقدس الرب تبارك و تعالى عن الحاجة إلى محل. و الدليل
عليه أنه لو حل محلا، و افتقر وجوده إليه، لكان المحل قديما و لكان هو صفة له، إذ
كل محل موصوف بما قام به، و الصفة يستحيل أن تتصف بالأحكام التي توجبها المعاني.
و سنبين وجوب اتصاف الباري
بكونه حيا عالما قادرا.
فصل
من صفات نفس القديم تعالى
مخالفته للحوادث، فالرب تعالى لا يشبه شيئا من الحوادث، و لا يشبهه شيء منها.
و لا بد في صدر هذا الفصل
من التنبيه على حقيقة المثلين و الخلافين. فالمثلان كل موجودين سدّ أحدهما مسدّ
الآخر، و ربما قيل في أحدهما: هما الموجودان اللذان يستويان فيما يجب و يجوز و
يستحيل، و الأولى العبارة الأولى. و المختلفان كل موجودين ثبت لأحدهما من صفات
النفس ما لم يثبت للثاني.
و ذهب ابن الجبائي[2] و متأخرو المعتزلة إلى أن المثلين هما
الشيئان المشتركان في أخص الصفات. ثم قالوا: الاشتراك في الأخص يوجب الاشتراك فيما
عداه من الصفات غير المعللة؛
[1] هو الأستاذ أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأسفرايني الملقب بركن الدين، له كتاب
جليل و قيم هو «جامع الحاوي في أصول الدين و الرد على الملحدين» توفي عام 418.
انظر ابن خلكان.
[2] هو أبو هاشم عبد
السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي و أتباعه البهشميون مات ببغداد عام 321.
انظر طبقات المعتزلة ص 94- 96.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 19