نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 18
نفسه، و هي غير معللة
بزائد على الجوهر، فكانت من صفات النفس؛ و كون العالم عالما، معلل بالعلم القائم
بالعالم، فكانت هذه الصفة و ما يضاهيها في غرضنا من الصفات المعنوية.
و سبيلنا أن نتعرض في هذا
المعتقد لإثبات العلم بالصفات النفسية الثابتة للباري تعالى، و نفتتحها بالنظر في
ثبوت وجوده.
فإن قال قائل: قد دللتم
فيما قدمتم على العلم بالصانع، فبم تنكرون على من يقدر الصانع عدما؟
قلنا: العدم عندنا نفي محض
و ليس المعدوم على صفة من صفات الإثبات، و لا فرق بين صانع منفي، و بين تقدير
الصانع منفيا من كل وجه؛ بل نفي الصانع و إن كان باطلا بالدليل القاطع، فالقول به
متناقض في نفسه، و المصير إلى إثبات صانع منفي متناقض. و إنما يلزم القول بالصانع
المعدوم المعتزلة، من حيث أثبتوا للمعدوم صفات الإثبات، و قضوا بأن المعدوم على
خصائص الأجناس.
و الوجه المرضي أن لا يعد
الوجود من الصفات، فإن الوجود نفس الذات، و ليس بمثابة التحيز للجوهر، فإن التحيز
صفة زائدة على ذات الجوهر، و وجود الجوهر عندنا نفسه من غير تقدير مزيد.
و الأئمة رضي اللّه عنهم
متوسعون في عد الوجود من الصفات، و العلم به علم بالذات.
فصل الدليل على قدم
الباري تعالى
فإن قيل: ما الدليل على
قدم الباري تعالى بعد ثبوت العلم بوجوده، و ما حقيقة القدم أولا؟
قلنا: ذهب بعض الأئمة إلى
أن القديم هو الذي لا أول لوجوده.
و قال شيخنا[1] رحمة اللّه عليه: كل موجود استمر
وجوده و تقادم زمنا متطاولا، فإنه يسمى قديما في إطلاق اللسان، قال اللّه تعالى: حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ
[سورة يس: 39].
و غرضنا نصيب الدليل على
أن وجود القديم غير مفتتح، و الدليل عليه أنه لو كان حادثا لا فتقر إلى محدث، و
كذلك القول في محدثه، و ينساق ذلك إلى إثبات حوادث لا أول لها، و قد سبق إيضاح
بطلان ذلك.
فإن قيل: في إثبات موجود
لا أول له إثبات أوقات متعاقبة لا نهاية لها، إذ لا يعقل استمرار وجود إلا في
أوقات، و ذلك يؤدي إلى إثبات حوادث لا أول لها؛ قلنا: هذا زلل ممن ظنه، فإن
الأوقات يعبر بها عن موجودات تقارن موجودا، و كل موجود أضيف إلى مقارنة موجود به
فهو وقته، و المستمر في العادات التعبير بالأوقات عن حركات الفلك، و تعاقب
الجديدين.
[1] هو أبو القاسم عبد
الجبار بن علي الأسفرايني تلميذ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الأسفرايني، الذي تخرج
على أبي الحسن الباهلي تلميذ أبي الحسن الأشعري. انظر مقدمة الشيخ الكوثري للعقيدة
النظامية ط القاهرة عام 1948 ص 6.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 18