نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 150
فأما وقوعها فمستدرك
بالأدلة السمعية، و قد شهدت القواطع منها على الحشر و النشر، و الانبعاث للعرض و
الحساب و الثواب و العقاب. فإن قيل: هل تعدم الجواهر، ثم تعاد؛ أم تبقى و تزول
أعراضها المعهودة، ثم تعاد بنيتها؟ قلنا: يجوز كلا الأمرين عقلا، و لم يدل قاطع
سمعي على تعيين أحدهما، فلا يبعد أن تصير أجسام العباد على صفة أجسام التراب، ثم
يعاد تركيبها إلى ما عهد قبل. و لا نحيل أن يعدم منها شيء، ثم يعاد، و اللّه أعلم
بعواقبها و مآلها.
باب جمل من أحكام الآخرة
المتعلقة بالسمع
فمنها إثبات عذاب القبر، و
مساءلة منكر و نكير. و الذي صار إليه أهل الحق إثبات ذلك، فإنه من مجوزات العقول،
و اللّه مقتدر على إحياء الميت، و أمر الملكين بسؤاله عن ربه و رسوله. و كل ما
جوزه العقل، و شهدت له شواهد السمع، لزم الحكم بقبوله، و قد تواترت الأخبار
باستعاذة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بربه من عذاب القبر، و نقل آحاد من
الأخبار في ذلك تكلف، ثم لم يزل ذلك مستفيضا في السلف الصالحين، قبل ظهور أهل
البدع و الأهواء.
و من الشواهد لذلك من كتاب
اللّه تعالى، قوله في قصة فرعون و آله: وَ حاقَ بِآلِ
فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا [سورة غافر: 46]. و هذا نص في إثبات عذاب القبر عليهم قبل الحشر
فإنه عز من قائل ذكر ذلك، ثم قال: وَ يَوْمَ تَقُومُ
السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ
[سورة غافر: 46].
فإن تمسك نفاة عذاب القبر
بمسالك الملحدة المستهزئين بالشرع، و قالوا: نحن نرى الميت الذي ندفنه على حالته،
و نعلم على الضرورة كونه ميتا، و لو تركناه صاحيا دهرا لما حال عما عهدناه عليه. و
هذا من قائله ملزم بعدم الطمأنينة إلى الإيمان، و الركون إلى الإيقان، و هو بمثابة
استبعاد نشر العظام البالية، و تأليف الأجزاء المفترقة، في أجواف السباع، و حواصل
الطيور، و أقاصي التخوم، و مدارج الرياح، إلى غير ذلك.
ثم اعلموا أن المرضي عندنا
أن السؤال يقع على أجزاء يعلمها اللّه تعالى، من القلب أو غيره فيحييها الرب
تعالى، فيتوجه السؤال عليها و ذلك غير مستحيل عقلا، و قد شهدت قواطع السمع به، و
ما ذكروه من الإنكار و الإكبار بمثابة إنكار الجاحدين رؤية رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم الملائكة مع جلوسه بين أظهرهم.
فصل
فإن قيل: بينوا الروح و
معناه، فقد ظهر الاختلاف فيه. قلنا: الأظهر عندنا، أن الروح أجسام
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 150