responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 130

ثم يجر مقاد ذلك إلى ظهور ما كان معجزة لنبي على يد ولي، و ذلك يفضي إلى تكذيب النبي المتحدي بآيته، القائل لمن تحداه: لا يأتي أحد بمثل ما أتيت به. فلو جاز إتيان الولي بمثله، لتضمن ذلك نسبة الأنبياء إلى الافتراء.

و هذا تمويه لا تحصيل له، إذ لا خلاف في أن الشي‌ء الواحد من خوارق العوائد يجوز أن يكون معجزة لنبي بعد نبي، ثم لا يكون ظهوره ثانيا مكذّبا لمن تحدى به أولا. فإن قالوا: النبي يقيّد دعواه في خطاب من تحداه، و يقول: لا يأتي أحد بمثل ذلك إلا من يدعي النبوة صادقا في دعواه.

قلنا إن ساغ تقييد الدعوى بما ذكرتموه، فلا يمتنع أيضا أن يقول النبي لا يأتي بمثل ذلك متنبي و لا ممخرق مفتر، و لا من يروم تكذيبي؛ و تخرج الكرامات عن هذه الجهات و ليس تقييد أولى من تقييد.

و مما احتجوا به، أن قالوا: لو جوزنا انخراق العوائد للأولياء، لم نأمن في وقتنا وقوعه، و ذلك يؤدي إلى أن يتشكك اللبيب في جريان دجلة دما عبيطا، و انقلاب الأطواد ذهبا إبريزا، و حدوث بشر من غير إعلاق و ولادة، و تجويز ذلك سفسطة و تشكك في الضروريات.

قلنا: هذا الذي ذكرتموه ينعكس عليكم في زمان الأنبياء؛ فإن الذين كانوا في مدة الفترة، و هي ما بين العروج بعيسى عليه السلام إلى ابتعاث محمد صلى اللّه عليه و سلّم، كان لا يسوغ منهم تجويز ما منعتم تجويزه في محاولة دفع الكرامات. و لما ابتعث النبي، و ظهرت الآيات، و انخرقت العادات، استلّ عن صدور العقلاء الأمن من وقوع خوارق العوائد.

و هذا سبيلنا في الذي دفعنا إليه، فنحن الآن على أمن من أن ما قدروه لا يقع. فإن قدر اللّه وقوعه قلب العادة، و أزال العلوم الضرورية بأن ما قدروه لا يقع. فقد بطل ما قالوه، و استبان بانفصالنا عنه أصل في الكرامة.

فإن قيل: ما دليلكم على تجويزها؟ قلنا: ما من أمر يخرق العوائد إلا و هو مقدور للرب تعالى ابتداء، و لا يمتنع وقوع شي‌ء لتقبيح عقل لما مهدناه فيما سبق. و ليس في وقوع الكرامة ما يقدح في المعجزة؛ فإن المعجزة لا تدل لعينها، و إنما تدل لتعلقها بدعوى النبي الرسالة و نزولها منزلة التصديقي بالقول. و الملك الذي يصدق مدعي الرسالة بما يوافقه و بما يطابق دعواه، لا يمتنع أن يصدر منه مثله إكراما لبعض أوليائه. و لا يقدح مرام الإكرام في قصد التصديق، إذا أراد التصديق، و لا خفاء بذلك على من تأمل.

فإن قيل: فما الفرق بين الكرامة و المعجزة؟ قلنا: لا يفترقان في جواز العقل، إلا بوقوع المعجزة على حسب دعوى النبوءة.

و استدل مثبتو الكرامات بما لا سبيل إلى درئه في مواقع السمع. فإن أصحاب الكهف و ما جرى لهم من الآيات لا سبيل إلى جحده، و ما كانوا أنبياء إجماعا. و كذلك خصت مريم عليها السلام‌

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست