نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 129
الآية صح ذلك و القاضي أبو
بكر رضي اللّه عنه منع ما صححته، و لا وجه لمنعه، و الحق أحق أن يتبع.
و من وجوه تعلق المعجزة بالتصديق، أن لا تظهر مكذبة للنبي، مثل أن يدعي مدعي
النبوءة، فيقول: آية صدقي أن ينطق اللّه يدي، فإذا أنطقها اللّه تعالى بتكذيبه و
قالت: اعلموا أن هذا مفتر فاحذروه، فلا يكون ذلك آية. و لو قال: آيتي أن يحيي
اللّه هذا الميت، فأحياه اللّه تعالى فقام و له لسان زلق، فقال: صاحبكم هذا متخرص،
و قد بعثني اللّه تعالى لأفضحه ثم خر صعقا، فقد قال القاضي رضي اللّه عنه: هذه آية
مكذبة لا تدل.
و الذي عندي في ذلك أن
التكذيب إن كان خارقا للعادة فهو الذي يقدح في المعجزة، و ذلك بمثابة نطق اليد
بالتكذيب. فأما الميت إذا حيي و كذب فتكذيبه ليس بخارق للعادة. و للنبي أن يقول:
إنما الآية إحياؤه و تكذيبه إياي كتكذيب سائر الكفرة.
فصل في إثبات الكرامات و
تمييزها من المعجزات
فالذي صار إليه أهل الحق
جواز انخراق العادات في حق الأولياء، و أطبقت المعتزلة على منع ذلك، و الأستاذ أبو
إسحاق رضي اللّه عنه يميل إلى قريب من مذاهبهم.
ثم مجوزو الكرامات تحزبوا
أحزابا. فمن صائر إلى أن شرط الكرامة الخارقة للعادة أن تجري من غير إيثار و
اختيار من الولي، و صار هؤلاء إلى أن الكرامة تفارق المعجزة من هذا الوجه، و هذا
غير صحيح لما سنذكره. و صار صائرون إلى تجويز وقوع الكرامة على حكم الاختيار، و
لكنهم منعوا وقوعها على قضية الدعوى؛ فقالوا: لو ادعى الولي الولاية، و اعتضد
إيثار دعوته بما يخرق العادة، فإن ذلك ممتنع، و هؤلاء يقدرون ذلك تمييزا بين
الكرامة و المعجزة. و هذه الطريقة غير مرضية أيضا، و لا يمتنع عندنا ظهور خوارق
العوائد مع الدعوى المفروضة.
و صار بعض أصحابنا إلى أن
ما وقع معجزة لنبي، لا يجوز وقوعه كرامة لولي؛ فيمتنع عند هؤلاء أن ينفلق البحر، و
تنقلب العصا ثعبانا، و يحيي الموتى كرامة لولي، إلى غير ذلك من آيات الأنبياء؛ و
هذه الطريق غير سديدة أيضا. و المرضي عندنا، تجويز جملة خوارق العوائد في معارض
الكرامات.
و غرضنا من تزييف هذه
الطرق و إثبات الصحيح عندنا، و الميز بين الكرامة و المعجزة، يستبين بذكرنا عمد
نفاة الكرامة؛ و تفصّينا عنها، و تعويلنا على القواطع في إثباتها.
فمما تمسك به نفاة الكرامة
أن قالوا: لو جاز انخراق العادة من وجه، لجاز ذلك من كل وجه،
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 129