responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 91

و قال عيسى عليه السلام: «لا يستقيم حب الدنيا و الآخرة في قلب مؤمن، كما لا يستقيم الماء و النار في إناء واحد».

و قال نبينا صلى اللّه عليه و سلم: «احذروا الدنيا، فإنها أسحر من هاروت و ماروت».

و قال عيسى عليه السلام: «يا معشر الحواريين ارضوا بدنيّ الدنيا مع سلامة الدين، كما رضي أهل الدّنيا بدنيّ الدين مع سلامة الدنيا». و قال عيسى عليه السلام للحواريين: «لأكل خبز الشعير بالملح الجريش‌ [1] و لبس المسوح و النوم على المزابل كثير مع عافية الدنيا و الآخرة».

و روي أن عيسى- عليه السلام- كوشف بالدنيا فرآها في صورة عجوز شوهاء عليها من كل زينة، فقال لها: كم نكحت؟ فقالت: إني لا أحصيهم، فقال يطلقونك أو ماتوا عنك؟ فقالت: بل قتلت كلهم. فقال عيسى- عليه السلام-: عجبا لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين.

[فصل فى أن من ظن أنه يلابس الدنيا ببدنه و يخلو عنها بقلبه فهو مغرور]

اعلم أن من ظن أنه يلابس الدنيا ببدنه و يخلو عنها بقلبه فهو مغرور. و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «مثل صاحب الدنيا كمثل الماشي في الماء، هل يستطيع الذي يمشي في الماء ألا يبتلّ قدماه؟». و كتب عليّ- رضوان اللّه عليه- إلى سلمان الفارسي- رضي اللّه عنه-: «مثل الدنيا مثل الحية، يلين مسها و يقتل سمها، فأعرض عما يعجبك منها لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها، لما أيقنت من فراقها، و كن أسرّ ما تكون بها أحذر ما تكون منها، فإن صاحبها كلما اطمأنّ منها إلى سرور أشخصه‌ [2] عنه مكروه».

و قال عيسى- عليه السلام-: «مثل الدنيا مثل شارب ماء البحر، كلما ازداد شربا ازداد عطشا حتى يقتله» و اعلم أن من اطمأن إلى الدنيا و هو يتيقن أنه راحل عنها هو في غاية الحماقة، بل مثل الدنيا مثل دار هيأها صاحبها، و زينها لضيافة الواردين و الصادرين، فدخل واحد داره فقدم إليه طبقا من ذهب عليه بخور و ريحان ليشمها و يتركه لمن يلحقه لا ليتملكه، فجهل رسمه فظن أنه وهب ذلك له، فلما تعلق به قلبه استرجع منه، فضجر


[1] الجريش: ما طحن خشنا.

[2] أشخصه: أزعجه.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست