نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 88
الموت فهو من دنياك؛ إلا
العلم و المعرفة و الحرية. و ما يبقى معك بعد الموت فإنها أيضا لذيذة عند أهل
البصائر، و لكنها ليست من الدنيا و إن كانت في الدنيا. و لهذه الحظوظ الدنيوية
تعاون و تعلق بما فيه الحظ، و تعلق بأعمالك المتعلقة بإصلاحها، فهي ترجع إلى أعيان
موجودة، و إلى حظك فيها، و إلى شغلك في إصلاحها.
أما الأعيان، فهي الأرض و
ما عليها؛ قال اللّه تعالى: إِنَّا جَعَلْنا ما
عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها [الكهف: 7] الآية، و
مطلوب الآدمي من الأرض. أما عينها فللمسكن و المحرث. و أما نباتها فللتداوي و
الاقتيات. و أما معادنها فللنقود و الأواني و الآلات. و أما حيواناتها فللمركب و
المأكل. و أما الآدميون منها فللمنكح و الاستحسان. و قد جمع اللّه سبحانه ذلك في
قوله: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ [آل عمران: 14] الآية. و أما حظك منها، فقد عبر القرآن الكريم عنه
بالهوى فقال اللّه تعالى: وَ نَهَى النَّفْسَ
عَنِ الْهَوى [النازعات: 40] و قال تعالى تفصيلا له:
أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ
وَ تَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ
[الحديد: 20] الآية. و ذلك يندرج فيه جميع المهلكات الباطنة من الغلّ و الكبر و
الحسد و الرياء و النفاق و التفاخر و التكاثر و حب الدنيا و حب الثناء، و هي
الدنيا الباطنة.
و أما الأعيان، فهي الدنيا
الظاهرة، و أما شغلك في إصلاحها، فهي جملة الحرف و الصناعات التي الخلق مشغولون
بها، و قد نسوا فيها أنفسهم و مبدأهم و معادهم، لاستغراقهم بإشغالهم بها، و إنما
شاغلهم العلاقتان: علاقة القلب بحب حظوظها، و علاقة البدن بشغل إصلاحها.
فهذه هي حقيقة الدنيا التي
حبها رأس كل خطيئة. و إنما خلقت للتزود منها إلى الآخرة؛ و لكن كثرة أشغالها و
فنون شهواتها أنست الحمقى سفرهم و مقصدهم، فقصروا عليها همتهم، فكانوا كالحاج في
البداية، يشتغل بتعهد الناقة و علفها و تسمينها، فيتخلف عن الرفقة حتى يفوته الحج،
و تهلكه سباع البادية.
[فصل فى ان هذه الدنيا
المذمومة هي بعينها مزرعة الآخرة]
هذه الدنيا المذمومة
المهلكة، هي بعينها مزرعة الآخرة في حق من عرفها، إذ
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 88