نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 86
أنهم خسروا الدنيا و
الآخرة: و أما الآخرة، فلأنهم يطلبونها و لم يحصّلوا أسبابها من المعرفة و الحرية؛
و أما الدنيا، فلأنها و دعتهم و انقلبت إلى أعدائهم و هم ورثتهم. و لا تظنن أن
الإيمان و العلم يفارقانك بالموت، فالموت لا يهدم محل العلم أصلا، و ليس الموت
عدما حتى تظن أنك إذا عدمت عدمت صفاتك؛ بل معنى الموت قطع علاقة الروح من البدن
إلى أن تعاد إليه؛ و إذا تجرد عن البدن فهو على ما كان عليه قبل الموت من العلم و
الجهل، و فهم هذا طويل، و تحته أسرار لا يحتمل هذا الكتاب كشفها.
[فصل فى ان طريق علاج
حب الجاه هو قمع هذا الحب]
إذا عرفت حقيقة الجاه و
ماهيته، و أنه كمال وهميّ، فقد عرفت أن طريق العلاج في قمع حبه من القلب. إذا علمت
أن أهل الأرض لو سجدوا لك مثلا، لما بقي- إلا مدة قريبة- لا الساجد و لا المسجود
له. كيف! و يشح الدهر عليك بأن يسلم لك الملك في محلّتك فضلا عن قريتك أو بلدتك.
فكيف ترضى أن تترك ملك الأبد و الجاه الطويل العريض عند اللّه تعالى و عند
ملائكته، بجاهك الحقير المنغص عند جماعة من الحمقى لا ينفعونك و لا يضرونك و لا
يملكون لك موتا و لا حياة و لا نشورا و لا رزقا و لا أجلا؟
نعم ملك القلوب كملك
الأعيان[1]، و أنت محتاج منه إلى قدر يسير لتحرس
نفسك عن الظلم و العدوان، و عما يشوش عليك سلامتك و فراغك التي تستعين بها على
دينك. فطلبك لهذا القدر مباح، بشرط القناعة بقدر الضرورة كما في المال، و بشرط أن
لا تكتسبه بالمراءاة بالعبادات فذلك حرام كما سيأتي؛ و أن لا تكتسبه بالتلبيس[2] بأن تظهر من نفسك ما أنت خال منه، فلا
فرق بين من يملك القلوب بالتلبيس، و بين من يملك الأموال. فإذا حصّلت الجاه بطريقة
و اقتصرت على قدر التحرز من الآفات فترجى لك السلامة، إلا أنك في خطر عظيم أكثر من
خطر المال، لأن قليل الجاه يدعو إلى كثيره، فإنه ألذّ من المال، و لذلك لا يسلم
الدين مجانا غالبا إلا لخامل مجهول لا يعرف، كما فهمت ذلك من الأخبار.
[1] الأعيان: جمع عين و
هي هنا بمعنى الإنسان. و الأعيان الناس، أو السادة منهم.
[2] التلبيس: إخفاء
الحقيقة و إظهارها بخلاف ما هي عليه.
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 86