نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 79
لك مال؟» قال: نعم، قال
عليه السلام: «قدّم مالك، فإن قلب الرجل مع ماله، فإن قدمه أحب أن يلحقه، و إن
أخره أحب أن يتخلف». و قال عليه الصلاة و السلام: «إذا مات العبد قالت الملائكة:
ما قدّم؟ و قال الناس: ما خلّف؟»، و قال عليه الصلاة و السلام: «تعس[1] عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس و
انتكس، و إذا شيك فلا انتقش»[2].
[فصل أن المال ليس
مذموما من كل وجه]
اعلم أن المال ليس مذموما
من كل وجه، و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «نعم المال الصالح للرجل
الصالح»، و قال عليه الصلاة و السلام: «الدنيا مزرعة الآخرة». و كيف يكون مذموما
مطلقا و العبد مسافر إلى اللّه تعالى، و الدنيا منزل من منازل سفره، و بدنه مركبه،
و لا يمكنه السفر إلى اللّه إلا به، و لا يبقى البدن إلا بمطعم و ملبس، و لا وصول
إليهما إلا بالمال؟ لكن من فهم فائدة المال و علم أنه آلة علف الدابة لسلوك
الطريق، لم يعرّج عليه، و لم يأخذ منه إلا قدر الزاد، فإن اقتصر على ذلك سعد به
كما قال النبي عليه السلام لعائشة- رضي اللّه عنها-: «إذا أردت اللحاق بي فاقنعي
من الدنيا بزاد الراكب، و لا تجددي و لا تخلعي قميصا حتى ترقعيه»، و قال عليه
الصلاة و السلام: «اللهم اجعل قوت آل محمد كفافا، و إن زاد على قدر الكفاية هلك».
كما قال عليه الصلاة و السلام:
«من أخذ من الدنيا فوق ما
يكفيه، أخذ حتفه و هلك و هو لا يشعر». و كذلك المسافر، إذا أخذ ما يزيد على زاد
الطريق مات تحت ثقله، و لم يبلغ مقصد سفره. فالزيادة على قدر الكفاية مهلكة من
ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يدعو إلى
المعاصي، فإنه يمكن منها و من العصمة أن لا تقدر، و فتنة السرّاء[3] أعظم من فتنة الضراء[4]، و الصبر مع القدرة أشد.
[1] تعس بفتح العين أي
سقط على وجهه. و في الدعاء تعسا له و تعس و انتكس؛ فالتعس أن يخذل وجهه، و النكس
أن لا يستقل بعد سقطته.
[2] أي إذا وصل شوك في
عضوه فلا انتقش على بناء المبني للمفعول، دعاء عليه بعدم إخراجه بالمنقاش، يعني إذا
وقع في البلاء فلا يترحم عليه. و إنما خص انتقاش الشوك بالذكر لأن الانتقاش أسهل
ما يتصور في المعاونة لمن أصابه مكروه، و إذا نفي ذلك الاهون فما فوقه بالطريق
الأولى.