responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 73

اللّه صلى اللّه عليه و سلم لكنه قال: «إني لأمزح و لا أقول إلا حقّا»، و يعسر على غيره ضبط ذلك. و قد روي أنه سابق عائشة- رضي اللّه عنه- بالعدو. و قال عليه السلام لعجوز: «لا يدخل الجنة عجوز»، أي لا يبقى عجوز في الجنة [1]. و قال لصبيّ: «يا أبا عمير ما فعل النّغير؟»، و النغير ولد العصفور كان يلعب به الصبي. و قال صلى اللّه عليه و سلم لصهيب و هو يأكل التمر: «أ تأكل التمر و أنت رمد؟»، و قال: إنما آكل بالشق الآخر، فتبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. فهذا و أمثاله من المفاكهة لا بأس بها، بشرط أن لا يتخذها عادة.

الآفة الخامسة المدح:

كما جرت به عادة الناس عند المحتشمين‌ [2] من أبناء الدنيا، و كما جرت به عادة القصّاص و المذكرين، فإنهم يمدحون من يحضر مجالسهم من الأغنياء. و في المدح ست آفات: أربع على المادح، و اثنتان على الممدوح. و أما المادح، فالآفة الأولى فيه أنه قد يفرّط فيه فيذكره بما ليس فيه فيكون كذّابا. الثانية: أنه قد يظهر له من الحب ما لا يعتقده فيكون منافقا مرائيا. الثالثة: أنه يقول ما لا يتحققه، فيكون مجازفا، كقوله إنه عدل و إنه ورع و غير ذلك مما لا يتحقق فيه. مدح رجل بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رجلا، فقال عليه السلام: «ويحك قطعت عنق صاحبك! إن كان لا بدّ من كون أحدكم مادحا أخاه فليقل: أحسب فلانا و لا أزكّي على اللّه أحدا، حسيبه اللّه إن كان يرى أنه كذلك».

الرابعة: أن يفرح الممدوح به، و ربما كان ظالما فيعصي بإدخال السرور على قلبه؛ و قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه ليغضب إذا مدح الفاسق». و قال الحسن: «من دعا لفاسق بالبقاء فقد أحب أن يعصى اللّه». فالظالم الفاسق ينبغي أن يذم لتفتر رغبته في الظلم و الفسق.

و أما الممدوح، فإحدى الآفتين أن يحدث فيه كبرا أو إعجابا و هما مهلكان؛ و لذلك قال عليه السلام: «قطعت عنق صاحبك». الثانية: أن يفرح به فيفتر عن العمل و يرضى عن نفسه؛ قال صلى اللّه عليه و سلم: «لو مشى رجل إلى رجل بسكين مرهف، كان خيرا له من أن يثني عليه في وجهه».

و أما إذا سلم المدح من هذه الآفات في المادح و الممدوح، فلا بأس به، و ربما


[1] المقصود أن العجوز المؤمن المستحق للجنة، يسترجع شبابه عند دخولها.

[2] أي الأكابر و السلاطين.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست