نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 72
الغيبة أسرع في حسنات
العبد من النار في اليبس». و ورد أن حسنات المغتاب تنقل إلى ديوان المظلوم
بالغيبة، فينظر في قلة حسناته و كثرة غيبته، و أنه ينتهي إلى إفلاسه على القرب، ثم
يتفكر في عيوب نفسه، فإن كان فيه عيب فيشتغل عن غيره، و إن كان قد ارتكب صغيرة
فيعلم أن ضرره من صغيرة نفسه أكثر من ضرره من كبيرة غيره، و إن لم يكن فيه عيب،
فيعلم أن جهله بعيوب نفسه أعظم عيب. و متى يخلو الإنسان من عيب؟
ثم إن خلا منه فليشكر
اللّه تعالى بدلا من الغيبة، فإن ثلب الناس و أكل لحم الميتة، من أعظم العيوب،
فليحذر منه. ثم مهما سبق لسانه إلى الغيبة، فينبغي أن يستغفر اللّه تعالى، و يذهب
إلى المغتاب و يقول: ظلمتك فاعف عني! فيستحله؛ فإن لم يصادفه فليكثر من الثناء
عليه، و من الدعاء له، و من الحسنات، حتى إذا نقل بعضها إلى ديوان المظلوم، بقي له
ما يكفيه؛ فهي كفّارة الغيبة.
الآفة الثالثة المراء و
المجادلة:
قال صلى اللّه عليه و سلم:
«من ترك المراء و هو محقّ بني له بيت في أعلى الجنة، و من تركه و هو مبطل بني له
بيت في ربض الجنة» و هذا لأن الترك على المحق أشد. و قال عليه السلام: «لا يستكمل
العبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء و هو محق». و حدّ المراء هو الاعتراض على كلام
الغير بإظهار خلل فيه، إما في اللفظ، و إما في المعنى. و الباعث عليه تارة الترفع
بإظهار الفضل، و سببه خبث الرعونة، و إما السّبعية[1] التي في الطبع المتشوفة إلى تنقيص الغير و قهره. فالمراء و المجادلة
تقوية لهذين الخبيثين المهلكين، بل الواجب أن يصدّق ما سمعه من الحق، و يسكت عما
سمعه من الخطأ، إلا إذا كان في ذكره فائدة دينية، و كان يسمع منه، فيذكره برفق لا
بعنف.
الآفة الرابعة المزاح:
و الإفراط فيه يكثر الضحك،
و يميت القلب، و يورث الضغينة، و يسقط المهابة و الوقار؛ قال صلى اللّه عليه و
سلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه فيهوي بها أبعد من الثريا». و قال
عليه السلام: «لا تمار أخاك و لا تمازحه». و اعلم أن اليسير منه في بعض الأوقات لا
بأس به، لا سيما مع النساء و الصبيان تطييبا لقلوبهم، نقل ذلك عن رسول
[1] السبعية: نسبة الى
السّبع، و هي الطبيعة الحيوانية.
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 72