نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 65
يحتاج فيه إلى تكلف، و
ترتبط بها فوائد أخرى، فيكون مشاهدا بلاء اللّه تعالى على الدوام.
الخامسة: و هي من كبار
الفوائد- كسر شهوات المعاصي، و الاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء، و كسر سائر
الشهوات التي هي منابع المعاصي؛ قال عليّ- رضي اللّه عنه- «ما شبعت قط إلا عصيت أو
هممت بالمعصية». و قالت عائشة- رضي اللّه عنها- «أول بدعة حدثت بعد رسول اللّه صلى
اللّه عليه و سلم الشبع، إن القوم إذا شبعت بطونهم، جمحت بهم نفوسهم إلى الدنيا».
السادسة: خفة البدن للتهجد
و العبادة و زوال النوم المانع من العبادة؛ فإن رأس مال السعادة العمر، و النوم
ينقص العمر إذ يمنع من العبادة و أصله كثرة الأكل. قال أبو سليمان الدارانيّ: «من
شبع دخل عليه ست آفات: فقد حلاوة العبادة، و تعذّر حفظ الحكمة، و حرمان الشفقة على
الخلق؛ لأنه إذا شبع ظن أن الخلق كلهم شباعا، و ثقل العبادة، و زيادة الشهوات، و
أن سائر المؤمنين يدورون حول المساجد و هو يدور حول المزابل».
السابعة: خفة المئونة، و
إمكان القناعة بقليل من الدنيا، و إمكان إيثار الفقر، فإن من تخلص من شره بطنه لم
يفتقر إلى مال كثير، فيسقط عنه هموم الدنيا؛ فمهما أراد أن يستقرض لقضاء شهوة
البطن، استقرض من نفسه، و ترك شهوته. كان إذا قيل لإبراهيم بن أدهم- رحمة اللّه
عليه- في شيء إنه غال، قال: «أرخصوه بالترك».
[فصل كيفية ترك عادة
الشبع و الإكثار]
لعلك تقول: قد صار الشبع و
الإكثار في الأكل عادة، فكيف أتركها؟ فاعلم أن ذلك يسهل على من أراده بالتدريج؛ و
هو أن ينقص كل يوم من طعامه لقمة، حتى ينقص رغيفا في مقدار شهر، فلا يظهر أثره، و
يصير التقليل عادته. ثم إذا أذعنت بالتقليل، فلك النظر في الوقت و القدر و الجنس؛
أما القدر، فله ثلاث درجات: أعلاها- و هي درجة الصديقين-: الاقتصار على قدر
القوام، و هو الذي يخاف النقصان منه على العقل أو الحياة، و هو اختيار سهل
التستريّ، و كان يرى أن الصلاة قاعدا لضعفه بالجوع، أفضل من الصلاة قائما مع قوة
الأكل. الثانية: أن تقنع بنصف مدّ كل يوم و هو ثلث
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 65