responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 64

ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، و إن كان لا محالة فثلاث لطعامه و ثلاث لشرابه و ثلاث لنفسه»، و قال عليه السلام: «إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيّقوا مجاري الشيطان بالجوع و العطش»، و قال عليه السلام لعائشة- رضي اللّه عنها-: «أديموا قرع باب الجنة يفتح لكم»، قالت: كيف نديم؟ قال عليه السلام: «بالجوع و الظمأ». و قال عليه السلام: «كلوا و اشربوا في أنصاف البطون، فإنه جزء من النبوة».

[فصل السر في تعظيم الجوع و مناسبته لطريق الآخرة]

لعلك تشتهي أن تعلم السر في تعظيم الجوع و مناسبته لطريق الآخرة. فاعلم أن له فوائد كثيرة، و لكن يرجع أصولها إلى سبع:

إحداها: صفاء القلب و نفاذ البصيرة، فإن الشّبع يورث البلادة و يعمي القلب؛ قال صلى اللّه عليه و سلم: «من أجاع بطنه عظمت فكرته و فطن قلبه». و لا يخفى أن مفتاح السعادة المعرفة، و لا تنال إلا بصفاء القلب، فلذلك كان الجوع قرع باب الجنة.

الثانية: رقة القلب؛ حتى يدرك به لذة المناجاة، و يتأثر بالذكر و العبادة؛ و قال الجنيد: «يجعل أحدكم بينه و بين قلبه مخلاة من الطعام، و يريد أن يجد حلاوة المناجاة». و لا يخفى عليك أن أحوال القلب من الخشية و الخوف و الرقة و المناجاة و الانكسار بالهيبة، من مفاتيح أبواب الجنة، و إن كان باب المعرفة فوقه، و الجوع قرع لهذا الباب.

الثالثة: ذل النفس و زوال البطر و الطغيان منها؛ فلا تكسر النفس بشي‌ء كالجوع.

و الطغيان داع إلى الغفلة عن اللّه تعالى، و هو باب الجحيم و الشقاوة؛ و الجوع إغلاق لهذا الباب. و في إغلاق باب الشقاوة فتح باب السعادة؛ و لذلك لمّا عرضت الدنيا عليه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا بل أجوع يوما و أشبع يوما، فإذا جعت صبرت و تضرعت، و إذا شبعت شكرت».

الرابعة: أن البلاء [1] من أبواب الجنة، لأن فيه مشاهدة طعم العذاب، و به يعظم الخوف من عذاب الآخرة، و لا يقدر الإنسان على أن يعذّب نفسه بشي‌ء كالجوع، فإنه لا


[1] البلاء: الاختبار، و يكون بالخير و الشر.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست