نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 52
لبعض أنبيائه: «أما زهدك
في الدنيا فقد استعجلت الراحة، و أما انقطاعك إليّ فقد تعززت بي، فهل واليت فيّ
وليا، و هل عاديت فيّ عدوّا؟». و قال صلى اللّه عليه و سلم: يقول اللّه يوم
القيامة: «أين المتحابون لجلالي، اليوم أظلهم في ظلي و لا ظل إلا ظلي». و أوحى
اللّه سبحانه إلى عيسى- عليه السلام-: «لو أنك عبدتني بعبادة أهل السّماوات و
الأرض، و حب في اللّه ليس[1]، و بغض في اللّه ليس، ما أغنى عنك ذلك شيئا». و قال صلى اللّه عليه
و سلم: «إن حول العرش منابر من نور، عليها قوم لباسهم نور، و وجوههم نور، و ليسوا
بأنبياء و لا شهداء، يغبطهم النبيون و الشهداء». فقالوا يا رسول اللّه حلّهم[2] لنا من هم؟ فقال:
«المتحابون في اللّه، و
المتجالسون في اللّه، و المتزاورون في اللّه عز و جل».
و اعلم أن كل حب لا يتصور
دون الإيمان باللّه و اليوم الآخر، فهو حب في اللّه، و لكنه على درجتين: إحداهما:
أن تحبه لتنال منه في الدنيا نصيبا يوصلك إلى الآخرة، كحبك أستاذك و شيخك، بل
تلميذك الذي ينمو علمك بتعليمه، بل خادمك الذي يفرغ قلبك عن كنس بيتك و غسل ثوبك،
لتتفرغ بسببه لطاعة اللّه تعالى، بل المنفق عليك من ماله، إذا كان غرضك من ذلك
إفراغ القلب لعبادة اللّه تبارك و تعالى. الثانية: و هي أعلى، أن تحبه لأنه محبوب
عند اللّه عز و جل و يحب اللّه، و إن لم يتعلق غرض به لك في الدنيا و الآخرة، من
علم أو معونة على دين أو غيره؛ و هذا أكمل، لأن الحب إذا غلب تعدّى إلى كلّ من هو
من المحبوب بسبب، حتى يحب الإنسان محب محبوبه، و محبوب محبوبه، بل يميز بين الكلب
الذي هو في سكة محبوبه، و بين سائر الكلاب. و إنما سراية[3] الحب بقدر غلبة الحب، و من أحب لقاء اللّه لم يمكنه أن لا يحبّ
عباده الصالحين المرضيّين عنهم. إلا أن ذلك قد يقوى حتى يحمل على أن يسلك بهم مسلك
نفسه، بل يؤثرهم على نفسه، و قد يقصّر عن ذلك، و فضلهم عنده ينقسم بقدر درجته و
قوته. و كذلك يبغض لا محالة من يعصيه، و يخالف أمره، و يظهر أثر ذلك في مجانبته و
مهاجرته له، و تقطيبه الوجه عند مشاهدته، و لذلك قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا
تجعل لفاجر عليّ يدا فيحبه قلبي» حذرا من أن يقدح ذلك في البغض في اللّه. و
بالجملة من لا يصادف من