نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 33
الصدر كسريان حرارة الشمس
في باطن الأرض، تابعا لإشراق الأنوار؛ فإن الخشية أثر نور المعرفة، و إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28]، فانتشار الحركات و التغيرات إلى الجوارح من البكاء و
العرق و الاقشعرار و الارتعاد، منبعث من آثار الخشية، و سائر الأحوال، كحركة أجزاء
الأرض بتصاعد الأبخرة و الأدخنة منها، بتصعيد حرارة الشمس، فالحركة تبع الحرارة، و
الحرارة تبع النور، و النور تبع وقوع المحاذاة بين الأرض و الشمس. فاجتهد بأن
تحاذي بوجه قلبك شطر شمس القرآن، و تستضيء بأنواره. كذلك فإن لم تطق ذلك فأصغ إلى
النداء الوارد من جانب الطّور الأيمن، فإن آنست من جوانبه نارا، فخذ منه قبسا و
أشعل منه سراجا، فإن كان زيتك صافيا يكاد يضيء و لو لم تمسسه نار، فإذا مسته
النار انبعث منه الضياء، و وجدت على النار هدى، و قام في حقك مقام الشمس المنتشرة
الإشراق و الضياء.
10]، و قال لنبيه صلى
اللّه عليه و سلم: وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [المزمل: 8]، و قال صلى اللّه عليه و سلم:
«لذكر اللّه بالغداة و
العشي أفضل من حطم السيوف في سبيل اللّه و من إعطاء المال سخاء»، و قال صلى اللّه
عليه و سلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أذكاها عند مليككم، و أرفعها في درجاتكم،
و خير لكم من إعطاء الورق و الذهب، و خير لكم من أن تلقوا أعداءكم فتضربوا أعناقهم
و يضربون أعناقكم؟» قالوا: و ما ذاك يا رسول اللّه؟ فقال: «ذكر اللّه».
و قال صلى اللّه عليه و
سلم: «سبق المفردون سبق المفردون»، فقيل: و من هم يا رسول اللّه؟ فقال:
«المستهترون بذكر اللّه،
وضع ذكر اللّه عنهم أوزارهم فوردوا القيامة خفافا».
و اعلم أنه قد انكشف
لأرباب البصائر أن الذكر أفضل الأعمال؛ و لكن له أيضا قشور ثلاثة، بعضها أقرب إلى
اللب من بعض، و له لب وراء القشور الثلاثة. و إنما فضّل القشور لكونها طريقا إليه؛
فالقشر الأعلى منه ذكر اللسان فقط. و الثاني القلب إذ كان القلب يحتاج إلى موافقته
حتى يحضر مع الذكر، و لو ترك و طبعه لاسترسل في أودية الأفكار. و الثالث أن يستمكن
الذكر من القلب و يستولي عليه، بحيث يحتاج إلى تكلف في صرفه عنه إلى غيره، كما
احتيج في الثاني إلى تكلف في قراره معه و دوامه عليه، و الرابع- و هو اللباب- أن
يستمكن المذكور من القلب، و ينمحي الذكر و يخفى، و هو
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 33