responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 25

و اعلم أن الصوم، بالإضافة إلى مقداره، على ثلاث درجات، و بالإضافة إلى أسراره، على ثلاث درجات. أما درجات مقداره: فأقلها الاقتصار على شهر رمضان، و أعلاها صوم داود عليه السلام، و هو أن تصوم يوما و تفطر يوما؛ ففي الخبر الصحيح، أن ذلك أفضل من صوم الدهر، و أنه أفضل الصيام. و سرّه أن من صام الدهر صار الصوم له عادة، فلا يحس بوقعه في نفسه بالانكسار، و في قلبه بالصفاء، و في شهواته بالضعف، فإن النفس إنما تتأثر بما يرد عليها لا بما مرنت‌ [1] عليه، فلا يبعد هذا، فإن الأطباء أيضا ينهون عن اعتياد شرب الدواء، و قالوا: «من تعود ذلك لم ينتفع به إذا مرض، إذ يألفه مزاجه فلا يتأثر به».

و اعلم أن طب القلوب قريب من طب الأبدان، و هو سر قوله صلى اللّه عليه و سلم لعبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- لما كان يسأله عن الصوم، فقال عليه السلام: «صم يوما و أفطر يوما». فقال: «أريد أفضل من ذلك». فقال عليه السلام: «لا أفضل من ذلك»- و لذلك لما قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن فلانا صام الدهر»، فقال عليه السلام: «لا صام و لا أفطر».

كما قالت عائشة- رضي اللّه عنها- لرجل كان يقرأ القرآن بهذرمة [2]: «إن هذا ما قرأ القرآن و لا سكت».

و أما الدرجة المتوسطة فهو أن تصوم ثلث الدهر. و مهما صمت الاثنين و الخميس و أضفت إليه رمضان، فقد صمت من السنة أربعة أشهر و أربعة أيام، و هو زيادة على الثلث؛ لكن لا بد أن ينكسر يوم من أيام التشريق، و ترجع الزيادة إلى ثلاثة أيام؛ و يتصور أن ينكسر في العيدين يومان فتكون ثلاثة أيام، فترجع الزيادة إلى يوم واحد، فتأمل حسابه تعرفه. فلا ينبغي أن ينقص من هذا القدر صومك، فإنه خفيف على النفس، و ثوابه جزيل.

و أما درجات أسراره فثلاث: أدناها أن يقتصر على الكفّ عن المفطرات، و لا يكف جوارحه عن المكاره؛ و ذلك صوم العموم و هو قناعتهم بالاسم. الثانية: أن تضيف إليه كف الجوارح، فتحفظ اللسان عن الغيبة و العين عن النظر بالزينة و كذا سائر


[1] مرنت: اعتادت و ألفت.

[2] الهذرمة: الإسراع في القراءة و الكلام.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست