نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 23
المتوسطين، فتزيد على
الواجب و لو شيئا يسيرا، فإن مجرد الواجب حدّ البخلاء. قال اللّه سبحانه و تعالى: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [محمد: 37]. أي يستقصي عليكم فتبخلوا. فاجتهد أن لا ينقضي عليك وقت
إلا و تتصدق بشيء وراء الواجب، و لو بكسرة خبز، فترتفع بذلك عن درجة البخلاء. فإن
لم تملك شيئا فليست الصدقة كلها في المال، لكن كل كلمة طيبة، و شفاعة و معونة في
حاجة، و عيادة مريض، و تشييع جنازة، و في الجملة أن تبذل شيئا مما تقدر عليه من
جاه و نفس و كلام، لتطييب قلب مسلم، فيكتب جميع ذلك لك صدقة.
[المحافظة في زكاة و
الصدقة على خمسة أمور:]
و حافظ في زكاتك و صلاتك و
صدقتك على خمسة أمور:
الأول: الإسرار؛ فإن في
الخبر أن صدقة السر تطفئ غضب الرب. و الذي يتصدق بيمينه بحيث لا تعلم شماله هو أحد
السبعة الذين يظلّهم اللّه، يوم لا ظل إلا ظله؛ و قد قال اللّه تعالى: وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 271]. و بذلك تتخلص عن الرياء، فإنه غالب على النفس و هو
مهلك، ينقلب في القلب- إذا وضع الإنسان في قبره- في صورة حية، أي يؤلم إيلام
الحيّة؛ و البخل ينقلب في صورة عقرب. و المقصود في كل الإنفاق الخلاص من رذيلة
البخل، فإذا امتزج به الرياء، كان كأنه جعل العقرب غذاء الحية، فما تخلص من العقرب
و لكن زاد في قوة الحية، إذ كل صفة من الصفات المهلكات في القلب إنما غذاؤها و
قوّتها في إجابتها إلى مقتضاها.
الثاني: أن تحذر من المنّ؛
و حقيقته أن ترى نفسك محسنا إلى الفقير متفضلا عليه، و علامته أن تتوقع منه شكرا
أو تستنكر تقصيره في حقك و ممالأته عدوك استنكارا يزيد على ما كان قبل الصدقة؛
فذلك يدل على أنك رأيت لنفسك عليه فضلا؛ و علاجه أن تعرف أنه المحسن إليك بقبول حق
اللّه منك؛ فإن من أسرار الزكاة تطهير القلب، و تزكيته عن رذيلة البخل و خبث الشح؛
و لذلك كانت الزكاة مطهرة إذ بها حصلت الطهارة، فكأنها غسالة نجاسة؛ و لذلك ترفع
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أهل بيته من أخذ الزكاة، و قال عليه السلام:
«إنها أوساخ أموال الناس»، و إذا أخذ الفقير منك ما هو طهرة لك فله الفضل عليك. أ
رأيت لو كان فصّاد أفصدك مجانا و أخرج من باطنك الدم الذي تخشى ضرره في الحياة
الدنيا أ كان الفضل لك أم له؟ فالذي يخرج من باطنك رذيلة البخل و ضررها في الحياة
الآخرة أولى بأن تراه متفضلا.
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 23