responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 22

الأصل الثاني في الزكاة و الصدقة:

قال اللّه سبحانه: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [البقرة: 261]. و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «هلك الأكثرون إلا من قال بالمال هكذا و هكذا». فاعلم أن إنفاق المال في الخيرات أحد أركان الدين؛ و إنما سر التكليف به بعد ما يرتبط به من مصالح البلاد و العباد، و سد الخلّات‌ [1] و الفاقات. فإن المال محبوب الخلق، و هم مأمورون بحب اللّه، و يدعون الحب بنفس الإيمان، فجعل بذل المال معيارا لحبهم، و امتحانا لصدقهم في دعواهم؛ فإن المحبوبات كلّها تبذل لأجل المحبوب الأغلب حبّه على القلب، فانقسم الخلق فيه إلى ثلاث طبقات:

الطبقة الأولى: الأقوياء؛ و هم الذين أنفقوا جميع ما ملكوا و لم يدخروا لأنفسهم شيئا، فهؤلاء صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه من الحب، كما فعل أبو بكر الصديق، إذ جاء بماله كله، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ما ذا أبقيت لنفسك»؟ فقال: «اللّه و رسوله». و قال لعمر- رضي اللّه عنه- «ما ذا أبقيت لنفسك»؟ قال «مثله» أي مثل ما أتيت به.

فقال صلى اللّه عليه و سلم: «بينكما مثل ما بين كلمتيكما».

الطبقة الثانية: المتوسطون؛ و هم الذين لم يقدروا على إخلاء اليد عن المال دفعة واحدة، و لكن أمسكوه لا للتنعم، بل للإنفاق عند ظهور محتاج إليه، فهم يقنعون في حق أنفسهم بما يقوّيهم على العبادة، و إذا عرض محتاج بادروا إلى سد خلّته و حاجته، و لم يقتصروا على قدر الواجب من الزكاة. و إنما غرضهم الأظهر في الإمساك ترصد الحاجات.

الطبقة الثالثة: الضعفاء؛ و هم المقتصرون على أداء الزكاة الواجبة، فلا يزيدون عليها و لا ينقصون منها.

فهذه درجاتهم؛ و بذل كل واحد على مقدار حبه للّه. و ما أراك تقدر على الدرجة الأولى و الثانية، و لكن اجتهد حتى تجاوز الدرجة الثالثة إلى أواخر طبقات المقتصدين‌


[1] الخلات: جمع خلّة و هي الحاجة و الفقر.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست