responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 19

و ذلك لسر العلاقة التي بين عالم الشهادة و عالم الملكوت؛ فإن ظاهر البدن من عالم الشهادة، و القلب من عالم الملكوت بأصل فطرته، و إنما هبوطه إلى عالم الشهادة كالغريب عن جبلّته‌ [1]. و كما تنحدر من معارف القلب آثار إلى الجوارح، فكذلك يرتفع من أحوال الجوارح أنوار إلى القلب، و لذلك أمروا بالصلاة مع أنها حركات الجوارح التي هي من عالم الشهادة، و لذلك جعلها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الدنيا و من الدنيا، و قال:

«حبب إليّ من دنياكم ثلاث ...» [2]. الحديث. فلا يستبعد أن يفيض من طهارة الظاهر أثر على الباطن؛ ففي بدائع صنع اللّه أمور أعجب من هذا، إذ قد عرف بالتجربة، أن المجامع في حال المباشرة، لو أدمن النظر إلى بياض مشرق أو حمرة قانية حتى غلبت تلك الصورة على نفسه، مال لون المولود إلى ذلك اللون الذي غلب عليه، و أن الجنين أول ما يتحرك في البطن، تميل صورته إلى الحسن، إن كانت الأم مشاهدة في تلك الحالة لصورة حسنة، بحيث غلبت تلك الصورة على نفسها، و لذلك أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المباشر عند مباشرته أن يحضر في قلبه إرادة إصلاح المولود، و يدعو اللّه بذلك فيقول:

«اللهم جنّبنا الشيطان و جنب الشيطان عما رزقتنا» حتى يفيض اللّه سبحانه مبادي الصلاح على الروح التي يخلقها عند إلقاء البذر في محل الحرث بواسطة الصلاح الغالب على قلب الحارث، كما يفيض اللّه النور بواسطة المرآة المحاذية للشمس على بعض الأجسام المحاذية للمرآة. و ها نحن الآن نقرع بابا عظيما من معرفة عجائب صنع اللّه في الملك و الملكوت، و إلى قريب منه يرجع سر الشفاعة في الآخرة فلنجاوزه؛ فغرضنا الآن ذكر الأعمال دون المعارف. و قد أشممناك شيئا يسيرا من أسرار الطهارة الظاهرة، فإن كنت لا تصادف بعد الطهارة و إسباغ الوضوء شيئا من الصفاء الذي وصفناه، فاعلم أن الدرن الذي عرض على قلبك من كدورات شهوات الدنيا و شواغلها، اقتضى كلال‌ [3] حس القلب فصار لا يحس باللطائف و الأشياء الخفية اللطيفة، و لم يبق‌


[1] الجبلّة: الخلقة.

[2] عن أنس بن مالك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «حبب إليّ من الدنيا النساء و الطيب و جعل قرة عيني في الصلاة». رواه الإمام أحمد في مسنده ج 3 ص 128، 199، 285، و النسائي في كتاب عشرة النساء باب 1.

[3] كلال: تعب، إعياء.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست