نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 163
الأصل العاشر، ذكر الموت
و حقيقته و أصناف العقوبات الروحانية:
اعلم أن المقامات التسع
التي ذكرناها ليست هي على رتبة واحدة، بل بعضها مقصود لذاتها، كالمحبة و الرضا،
فإنهما أعلى المقامات، و بعضها مطلوبة لغيرها، كالتوبة و الزهد، و الخوف و الصبر،
إذ التوبة رجوع عن طريق البعد، للإقبال على طريق القرب. و الزهد ترك الشواغل عن
القرب. و الخوف سوط يسوق إلى ترك الشواغل، و الصبر جهاد مع الشهوات القاطعة لطريق
القرب. و كل ذلك غير مطلوب لذاته، بل المطلوب القرب و ذلك بالمعرفة و المحبة فإنها
مطلوبة لذاتها لا لغيرها، و لكن لا يتم ذلك إلا بقطع حبّ غير اللّه تعالى عن
القلب، فاحتيج إلى الخوف و الصبر و الزهد لذلك. و من الأمور العظيمة النفع فيه ذكر
الموت، فلذلك أوردناه، و لذلك عظّم الشرع ثواب ذكره، إذ به يتنغص حب الدنيا، و
تنقطع علاقة القلب عنها؛ قال اللّه تعالى: قُلْ إِنَّ
الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ
[الجمعة: 8] و قال صلى اللّه عليه و سلم:
«أكثروا من ذكر هادم
اللذات»، و قال عليه السلام: «من كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه»، و قالت عائشة-
رضي اللّه عنها-: يا رسول اللّه هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال: «نعم، من يذكر الموت
في اليوم و الليلة عشرين مرة». و مر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بمجلس و قد
استعلاه الضحك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «شوبوا مجلسكم بذكر مكدّر
اللّذات». قيل: و ما هو؟
قال عليه السلام: «الموت».
و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن
آدم، لما أكلتم منها لحما سمينا». و قال عليه السلام: «كفى بالموت واعظا». و قال
عليه السلام: «تركت فيكم واعظين صامتا و ناطقا، فالصامت الموت، و الناطق القرآن».
و ذكر رجل عند النبي- عليه
السلام- و أحسن الثناء عليه، فقال عليه السلام:
كيف كان ذكر صاحبكم للموت؟
قالوا: ما كنا نكاد نسمعه يذكر الموت. قال: إن صاحبكم ليس هناك. و قال رجل من
الأنصار: يا رسول اللّه من أكيس الناس و أكرم الناس؟ فقال: أكثرهم للموت ذكرا، و
أشدهم له استعدادا، أولئك هم الأكياس، ذهبوا براحة الدنيا و كرامة الآخرة.
[فصل فى أن الموت عظيم
هائل]
اعلم أن الموت عظيم هائل،
و ما بعده أعظم منه، و في ذكره منفعة عظيمة، فإنه
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 163