نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 15
و يتعثر به من عدل عن سواء
السبيل المستقيم إلا من عفي عنه بحكم الكرم. و أنهم عند ذلك يسألون، فيسأل من شاء
من الأنبياء عن تبليغ الرسالة، و من شاء من الكفار عن تكذيب المرسلين، و من شاء من
المبتدعة عن السنّة، و من شاء من المسلمين عن أعمالهم، فيسأل الصادقين عن صدقهم، و
المنافقين عن نفاقهم. ثم يساق السعداء إلى الرحمن وفدا، و المجرمون إلى جهنم وردا[1]. ثم يأمر بإخراج الموحّدين من النار
بعد الانتقام، حتى لا يبقى في النار من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، و يخرج
بعضهم قبل تمام العقوبة و الانتقام، بشفاعة الأنبياء و العلماء و الشهداء، و من له
رتبة الشفاعة. ثم يستقر أهل السعادة في الجنة منعمين أبد الآبدين، ممتعين بالنظر
إلى وجه اللّه تعالى.
و يستقر أهل الشقاوة في
النار مردّدين تحت أنواع العذاب، مبعدين عن النظر بالحجاب إلى وجه اللّه تعالى، ذي
الجلال و الإكرام.
الأصل العاشر في النبوة:
و أنه تعالى خلق الملائكة
و بعث الأنبياء، و أيّدهم بالمعجزات. و أن الملائكة كلهم عباده لا يستكبرون عن
عبادته و لا يستحسرون[2].
يسبحون الليل و النهار لا يفترون. و أن الأنبياء رسله إلى خلقه، و ينتهي إليهم
وحيه بواسطة الملائكة فينطقون عن وحي يوحى لا عن الهوى، و أنه بعث النبيّ الأميّ
القرشيّ محمد المصطفى صلى اللّه عليه و سلم برسالته إلى كافة العرب و العجم، و الجن
و الإنس، فنسخ بشرعه الشرائع، و جعله سيد البشر، و منحه كمال الإيمان بشهادة
التوحيد، و هو قوله: «لا إله إلا اللّه» ما لم يقترن بها شهادة الرسول، و هو قوله:
«محمد رسول اللّه». و ألزم الخلق تصديقه في جميع ما أخبر به عنه، في أمر الدنيا و
الآخرة، و ألزمهم اتّباعه و الاقتداء به فقال:
وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7]. فلم يغادر شيئا يقرّبهم من اللّه سبحانه، إلا أمرهم به،
و دلهم على سبيله، و لا شيئا يقربهم إلى النار، و يبعدهم عن اللّه تعالى إلا نهاهم
عنه، و عرّفهم طريقه. و أن ذلك أمور لا يرشد إليها مجرد العقل و الرأي و الذكاء،
بل هي أسرار يكاشف بها من حظيرة القدس قلوب الأنبياء.
[1] قال تعالى في
الآيتين 85 و 86 من سورة مريم: يَوْمَ نَحْشُرُ
الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً، وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى
جَهَنَّمَ وِرْداً.