responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 14

و التكليف، لا عن وجوب، و متطول‌ [1] بالإنعام و الإصلاح لا عن لزوم، فله الفضل و الإحسان و النعمة و الامتنان، إذ كان قادرا على أن يصب على عباده أنواع العذاب، و يبتليهم بضروب الآلام و الأوصاب‌ [2]. و لو فعل ذلك لكان منه عدلا و لم يكن منه قبيحا و لا ظلما. و أنه يثيب‌ [3] عباده على الطاعات بحكم الكرم و العدل لا بحكم الاستحقاق و اللزوم؛ إذ لا يجب عليه فعل، و لا يتصور منه ظلم، و لا يجب لأحد عليه حق. و أن حقه في الطاعات واجب على الخلق بإيجابه على لسان أنبيائه، لا بمجرد العقل، و لكنه بعث الرسل و أظهر صدقهم بالمعجزات الظاهرة فبلّغوا أمره و نهيه، و وعده و وعيده، فوجب على الخلق تصديقهم فيما جاءوا به.

الأصل التاسع في اليوم الآخر:

و أنه يفرق بالموت بين الأرواح و الأجسام، ثم يعيدها إليها عند الحشر و النشور، فيبعث من في القبور و يحصّل ما في الصدور [4]. فيرى كل مكلّف ما عمله من خير أو شر محضرا [5]، و يصادف دقيق ذلك و جليّه مسطّرا في كتاب، لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها. و يعرف كل واحد مقدار عمله، خيره و شره بمعيار صادق، يعبّر عنه بالميزان، و إن كان لا يساوي ميزان الأعمال ميزان الأجسام الثقال، كما لا يساوي الاصطرلاب الذي هو ميزان المواقيت، و المسطرة التي هي ميزان المقادير، و العروض الذي هو ميزان الأشعار، سائر الموازين، ثم يحاسبهم على أفعالهم و أقوالهم، و سرائرهم و ضمائرهم، و نياتهم و عقائدهم، مما أبدوه أو أخفوه، فإنهم يتفاوتون فيه إلى مناقش في الحساب، و إلى مسامح فيه، و إلى من يدخل الجنة بغير حساب. و أنهم يساقون إلى الصراط، و هو جسر ممدود بين منازل الأشقياء و منازل السعداء، أحدّ من السّيف، و أدقّ من الشّعر، يخفّ عليه من استوى في الدنيا على الصراط المستقيم الذي يوازيه في الخفاء و الدقة،


[1] متطول: متفضل متمنن.

[2] الأوصاب: جمع وصب و هو المرض الدائم و قد يطلق على التعب.

[3] يثيب: يجزي و يعطي.

[4] قال تعالى في سورة العاديات؛ الآيتان 9 و 10: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ، وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ.

[5] قال تعالى في الآية 30 من سورة آل عمران: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست