نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 148
بالعذرة فيتعذر عليه
تناوله مع علمه بأنه تشبيه كاذب، و ذلك لخور النفس و طاعة الأوهام.
فكما لا يخلو الإنسان عن
شيء منه و إن ضعف، فكذلك لا يبعد أن يحصل اليقين بالتوحيد بحيث لا يخالجه ريب، و
مع ذلك فيفرغ القلب إلى الأسباب.
[فصل فى درجات التوكل]
إذا عرفت أن التوكل عبارة
عن حالة القلب في الثقة بالوكيل الحق، و قطع الالتفات إلى غيره، فاعلم أن فيه ثلاث
درجات: إحداها ما ذكرناه، و هو كالثقة بالوكيل في الخصومة، بعد اعتقاد كماله في
الهداية و القدرة و الشفقة. الثانية، و هي أقوى منها، تضاهي حالة الصبيّ في ثقته
بأمه، و فزعه إليها في كلّ ما يصيبه، و ذلك لثقته بشفقتها و كفالتها؛ و لكنه في
توكله فان عن توكله[1]
فإنه ليس يحصله بفكر و كسب، و إن كان لا يخلو توكله عن نوع إدراك؛ و أما التوكل
على الوكيل بالخصومة، فكالمكتسب بالفكر و النظر. و الثالثة: و هي الأعلى، أن يكون
بين يدي اللّه تعالى كالميت بين يدي الغاسل، لا كالصبي، فإنه يزعق بأمه و يتعلق
بذيلها، بل هذا كالصبي علم أنه و إن لم يزعق بأمه فإنها تطلبه، و إن لم يتعلق
بذيلها فهي تحمله، و إن لم يسألها فهي تبتدئ بإرضاعه، فيكون هذا الشخص في حق اللّه
عزّ و جلّ ساقط الاختيار، لعلمه بأنه مجري القدر فلا يبقى فيه متسع لغير الانتظار
لما يجري عليه. و هذا المقام يأبى الدعاء و السؤال، و لا يمتنع الدعاء في المقام
الثاني و الأول، و يمتنع التدبير في المقام الأخير، و يمتنع في الثاني أيضا، إلا
في التعلق بالوكيل فقط. و في الأول يمتنع التدبير بالتعلق بغيره، و لا يمتنع
بالطريق الذي رسمه الوكيل و سنّه له و أمره به.
الركن الثالث في
الأعمال:
و قد يظن الجهال أن شرط
التوكل ترك الكسب، و ترك التداوي، و الاستسلام للمهلكات؛ و ذلك خطأ، لأن ذلك حرام
في الشرع، و الشرع قد أثنى على التوكل، و ندب إليه فكيف ينال ذلك بمحظوره. و
تحقيقه أنّ سعي العبد لا يعدو أربعة أوجه: و هو جلب ما ليس بموجود من المنفعة، أو
حفظ الموجود، أو دفع الضرر كي لا يحصل، أو قطعه كي يزول. الأول: جلب النافع، و
أسبابه ثلاثة: إما مقطوع به، و إما مظنون ظنّا
[1] هكذا وردت هذه
الجملة و لم نرها وجها اللهم إلا أن يكون تعبيرا فقهيا خالصا.
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 148