responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 128

و اعلم أن الفقير إن كان قانعا بما أعطي، غير شديد الحرص على الطلب، فدرجته قريب من درجة الزاهد. و قال صلى اللّه عليه و سلم: «طوبى لمن هدي للإسلام و كان عيشه كفافا و قنع به». و قال صلى اللّه عليه و سلم: «الفقراء الصبراء هم جلساء اللّه تبارك و تعالى». و قال عليه السلام:

«أحب العباد إلى اللّه تعالى الفقير القانع». و أوحى اللّه تعالى إلى إسماعيل- صلوات اللّه عليه و سلامه- اطلبني عند المنكسرة قلوبهم، قال: و من هم؟ قال: الفقراء الصادقون.

و على الجملة، إنما يعظم ثواب الفقير عند القناعة و الصبر، و الرضى و الصبر على الفقر مبدأ الزهد، و لا تتم هذه المقامات إلا بالصبر فلنذكره:

الأصل الرابع في الصبر:

قال اللّه تعالى: وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‌ [الأنفال: 46]، و جمع للصابرين بين أمور لم يجمعها لغيرهم، فقال عزّ من قائل: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ، وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‌ [البقرة: 157]. و قال تعالى: وَ لَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ‌ [النحل: 96]. و قال تعالى: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا [السجدة: 24]. و قال تعالى: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ‌ [الزمر: 10]. و ذكر اللّه سبحانه في القرآن الصبر في نيف و سبعين موضعا. و قال صلى اللّه عليه و سلم: «الصبر نصف الإيمان»، و قال عليه السلام: «من أقلّ ما أوتيتم، اليقين و عزيمة الصبر، و من أعطي حظّه منهما لم يبال بما فاته من قيام الليل و صيام النهار». و قال عليه السلام: «الصبر كنز من كنوز الجنّة». و سئل النبي- عليه السلام- مرة عن الإيمان فقال: «هو الصبر». و قال عيسى- عليه السلام-: إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون.

[فصل فى حقيقة الصبر]

حقيقة الصبر ثبات باعث الدّين في مقابلة باعث الهوى، و هو من خاصية الآدميّ الذي هو كالمركّب من شعب ملكيّة و بهيمية، لأن البهيمة لم يسلّط عليها إلا دواعي الشهوة، و الملائكة لم يسلّط عليهم الشهوة بل جرّدوا للشوق إلى مطالعة جمال الحضرة الربوبية، و الابتهاج بدرجة القرب منها، فهم يسبّحون الليل و النهار لا يفترون؛ فليس فيهم داعية الشهوة. فلم يتصور الصبر لملك و لا بهيمة، بل الإنسان سلّط عليه جندان يتطاردان، أحدهما من حزب اللّه و ملائكته، و هو العقل و بواعثه، و الثاني من جنود

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست