التي لا يتعلق بها التكليف و اختلفوا في العلوم المكتسبة المكلف
بها فقال الجبائى انها ليست باقية و الا لزم أن لا يكون المكلف بها حال بقائها
مطيعا و لا عاصيا و لا مثابا و لا معاقبا مع تحقق التكليف و هو باطل بناء على لزوم
الثواب أو العقاب على ما كلف به و خالفه أبو هاشم فى ذلك و أوجب بقاء العلوم مطلقا
(و قال الحكماء محل الكليات النفس الناطقة المجردة بذاتها) عن المادة و توابعها و
ان كان متعلقة بها أى متصرفة فيها و مدبرة لها (و محل الجزئيات المادية (المشاعر
العشر) أى الحواس (الظاهرة و الباطنة و سنفصلها) أي الناطقة المجردة و أحوالها و
مشاعرها المذكورة و محالها (تفصيلا) تاما وافيا بمعرفة ماهيتها و كيفية ادراكاتها
بحسب الطاقة البشرية (و منهم) أي و من الحكماء (من يري أن المدرك للجزئيات أيضا هو
النفس الناطقة و لكن) ادراكها للكليات بذاتها و للجزئيات (بواسطة الآلة) الجسمانية
(فانها) أى الناطقة (تحكم بالكلي على الجزئى) فى مثل قولك زيد انسان (فلا بد أن
تكون عاقلة لهما) لان الحاكم يجب أن يحضره المحكوم عليه و المحكوم به (و سيأتي
الكلام فيه) أى فيما ذكرناه فانه سنبين لك فى مباحث النفس أن المدرك للجميع هو
النفس لكن صور الكليات ترتسم فى ذاتها و صور الجزئيات المادية فى آلاتها فتلاحظها
النفس من هناك
(قوله و الا لزم أن يكون الخ) لعدم كونها مقدورة التحصيل لامتناع
تحصيل الحاصل و لا مقدورة البقاء بعد الحصول لازما لها (قوله و خالفه الخ) بناء
على انها مقدورة البقاء لعدم مباشرة ما يلزمها (قوله و قال الحكماء) هاهنا خلافان
الاول ان محل ارتسام الكليات النفس الناطقة و محلى ارتسام الجزئيات المشاعر فهى
عند النفس كالفتحة عند الناظر و قال البعض ان المدرك للكليات و الجزئيات بواسطة
الآلات الثانى ان المدرك للكليات و الجزئيات هي النفس و قال البعض ان المدرك
للكليات هى النفس و المدرك للجزئيات هي المشاعر كما فى الحيوانات العجم و التحقيق
ان المدرك للكل هو النفس و ان ارتسام الجزئيات فى الآلات كما بينه الشارح فعبارة
المتن لا تخلو عن اختلاف ميل قابل المحل بالمدرك
(قوله و خالفه أبو هاشم) قد سبق الاشارة فى سابع مقاصد المرصد الاول
الذي فى الابحاث الكلية للاعراض الى أن ما ذكره هاهنا مناقض لما ذكره هناك و بسطنا
القول فيه بعض البسط فلينظر ثمة (قوله و قال الحكماء محل الكليات النفس الناطقة)
قال المشايخ في التوفيق بين العقل و الشرع ان المراد بالقلب هو النفس الناطقة
باعتبار تقلبه بين الاستفاضة من الامور العالية و الافاضة على الاشباح السافلة
بقرينة العلمية و العملية و إليه الاشارة بقوله عليه الصلاة و السلام قلوب العباد
بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء