(لزم أن يكون لأحدنا) اذا علم شيئا واحدا (علوم غير متناهية بالفعل
و انه محال و الوجدان يحققه) أى يشهد بكونه محالا (و الجواب انا) لا نسلم أن العلم
بالشيء يستلزم العلم بذلك العلم اذ (قد نعلم الشيء و لا نعلم العلم به الا اذا
التفت الذهن إليه) لما مر من أن الموجود فى الذهن لا يمكن أن يحكم عليه من حيث هو
موجود فيه الا بأن يتصور مرة ثانية و يلتفت إليه من حيث أنه في الذهن (و) هذا
الالتفات لا يمكن أن يستمر حتى يلزم علوم غير متناهية بل (ينقطع بانقطاع الاعتبار)
و لا فرق فى ذلك بين معلوم واحد و معلومات جمة اذ يجوز الغفلة عن العلم في الكل و
لكن لما كان الالتفات الى العلم قريبا من الحصول غير محتاج الى تكلف ظن أنه حاصل
بالفعل و بنى عليه ما بنى (و أما قول من قال) يعني به الآمدي فانه قال فى الجواب
الكلام انما هو في جواز تعلق العلم الواحد بمعلومين (و العلم لا يتعلق بنفسه لان
النسبة) التى هى التعلق لا تتصور الا (بين شيئين) متغايرين و لا مغايرة بين الشيء
و نفسه و قول القائل ذات الشيء و نفسه يوهم بظاهره نسبة الشيء الى نفسه الا أنه
مجاز لا حقيقة له و معنى كون الواحد منا عالما بعلمه لا يزيد على قيام علمه بنفسه
(فظاهر البطلان) لان تعلق العلم بالعلم ليس من قبيل تعلق الشيء بنفسه بل من قبيل
تعلق جزئى من العلم بجزئى آخر منه و لا محذور فيه (قال الامام الرازى و المختار)
عندي (أن الخلاف متفرع على تفسير العلم فان قلنا انه نفس التعلق فلا شك أن التعلق
بهذا غير التعلق بذاك فلا يتعلق علم) واحد (بمعلومين و ان قلنا انه صفة ذات تعلق
جاز أن يكون) العلم (صفة واحدة يتعدد تعلقاته و كثرة التعلقات) الخارجة عن حقيقة
الصفة (لا تجعل الصفة متكثرة) فى ذاتها قال المصنف (و اعلم أن الجواز الذهني لا
نزاع فيه و) الجواز (الخارجى مما يناقش فيه) يعني أنا اذا نظرنا الى أن العلم صفة
ذات تعلق جوز العقل أن تكون هذه الصفة واحدة شخصية متعلقة بأمور متعددة بمعنى أن
العقل بمجرد هذه الملاحظة لا يحكم بامتناع تعلق علم
(قوله يوهم بظاهره) انما قال ذلك لانه فى الحقيقة من اضافة العام الى
الخاص (قوله انه مجاز لا حقيقة له) فان المراد منهما لا غير الشيء كما فى ما يقوم
بنفسه أي لا يقوم بغيره
(قوله و أما قول من قال الخ) حاصل كلام الآمدي منع ان طريق معلومية
العلم تعلقه بنفسه بل العلم به علم حضوري فلا يلزم تسلسل و ان لم يجوز تعلق علم
واحد بمتعدد و قد يدفع دليله بكفاية التغاير الاعتبارى أيضا كما أشرنا إليه