كالعلم بالشيء و العلم بالعلم به و كالعلم بالتضاد) فان العلم
بمضادة شيء لآخر لا يكون الا مع العلم بمضادة الاخر اياه (و) كذا الحال (فى
الاختلاف) و التماثل و سائر الاضافات (فقد يتعلق بهما علم واحد) أي يجوز تعلقه
بهما (اذ من علم شيئا علم علمه به بالضرورة و الا) أى و ان لم
(قوله فقد يتعلق الخ) أشار بلفظ قد الى أن المدعى موجبة جزئية فيكفى
في اثباته مادة واحدة و هي العلم بالشيء و العلم بالعلم به و ليس المدعى كل ما لا
يجوز انفكاك العلم بهما يجوز تعلق العلم الواحد بهما حتى يرد أن الدليل المذكور لا
يجري فى العلم بالتضاد و الاختلاف و التماثل على ما وهم (قوله أي يجوز تعلقه بهما)
لا حاجة الى هذا التفسير فان الدليل المذكور يدل على وقوع التعلق بهما و لعله
لرعاية المطابقة لنظيره أعنى قوله لا يجوز تعلقه بمعلومين يجوز انفكاك العلم بهما
لكن الظاهر حينئذ فيجوز تعلقه بالفاء ليلائم السابق اللاحق
النقيض فمحصل الكلام حينئذ انكم اذا جوزتم حصول المعلومين من علم
واحد فلم تحكمون بأن المعلومية من العلم و المقدورية من القدرة و هلا حكمتم بأن
كليهما من العلم و أما اطلاق الحكم على التعلق فامره بين و يمكن أن يجاب بأن حمل
العالمية على التعلق و تقرير الاعتراض بذلك الوجه مما لا دخل فيه بخصوصية تجويز
تعلق علم واحد بمعلوم مرة و معلومين أخرى بل هو كلام على أصل أهل السنة القائلين
بأن الترتب بين الاشياء عادي ثم الجواب بأن الكلام في ايجاب أمر واحد حكمين
متجانسين مما لا يتم حينئذ لان أهل السنة يجوزون الكل كما لا يخفى فتأمل فيه (قوله
كالعلم بالشيء و العلم بالعلم به) الظاهر أن يقول كالشيء و العلم به لان التمثيل
بما لا يجوز انفكاك العلم بهما فالظاهر ايراد المعلومين في المثال فان قلت اعتبر
العلمين معلومين اذ لا مانع من ذلك فيصح التمثيل بهما للمعلومين قلت هذا التوجيه
لا يتأتى فى قوله و كالعلم بالتضاد سيما على تقرير الشارح اذ المناسب له ان يقول
فان العلم بالعلم بمضادة الخ اللهم الا أن يصار الى حذف المضاف من عبارته فى
موضعين و الحق ان عدم انفكاك المعلومين لما كان باعتبار العلم نبه على ذلك بايراد
العلمين الذين لا ينفك أحدهما عن الآخر في زعمهما [قوله اذ من علم شيئا علم علمه
به) و كذا من علم تضاد هذا لذاك علم تضاد ذاك لهذا أيضا بالضرورة و فيه بحث لان
الاستدلال لا يتم بهذا القول بل لا بد من المقدمة الأخرى أيضا و هى قوله ثم انه
يعلم علمه بعلمه به و هلم جرا فثمة معلومات غير متناهية الخ و هذا الدليل لا يجري
في التضاد و سائر الاضافات اذ لا وجه لان يقال لو لم يكن العلم المتعلق بالمتضادين
واحدا لزم التسلسل لان العلم بالشيء يستلزم العلم بالعلم به الى آخر ما ذكر هناك
و ذلك لان لزوم التسلسل بهذا الطريق انما ينشأ من كون العلم بالشيء و العلم
بالعلم به متعددا في كل مرتبة سواء كان العلم بالمتضادين واحدا أو متعددا و سواء
كان العلم المعتبر في أول المراتب متعلقا بالمضافين او لا كالعلم بزيد و عمرو و
الجواب أن مدعي الامام و القاضى فى صورة العلم بالإضافات مجرد جواز تعلق علم واحد
بمعلومين بناء على انه لا يلزم المحال السابق أعني انفكاك الشيء عن نفسه كما دل
عليه كلامه فى حواشي التجريد فلا يحتاج فيه الى الاستدلال بزعمه بل يكتفى بانتفاء
دليل