يجعل هذا الفرع مقصدا ثالثا عقيب المقصد الثانى ثم يجعل بيان حال
الظلمة في كونها عدميه فرعا للمقصد الثالث
القسم الثانى [فى الاضواء]
من قسمى المبصرات (فى الاضواء و فيه مقاصد) أربعة
[المقصد] الاول زعم بعض الحكماء الاقدمين فى ماهية الضوء
(أن الضوء أجسام صغار تنفصل من المضيء و تتصل بالمستضيء و يبطله
وجهان* الاول أنها) أى تلك الاجسام الصغار التي هي الضوء (اما غير محسوسة) بالبصر
فلا يكون الضوء حينئذ محسوسا له (و الضرورة تكذبه أو محسوسة فتستر ما تحتها فيكون
الاكثر ضوءا أكثر استتارا و المشاهد عكسه) فان ما هو أكثر ضوءا يكون أكثر ظهورا (و
فيه نظر فان ذلك) أعنى ستر الجسم المرئى ما تحته (شأن الاجسام الملونة) فانها تستر
ما وراءها لعدم نفوذ شعاع البصر فيها (دون) الاجسام (الشفافة) التى ينفذ نور البصر
فيها و يتصل بما وراءها (فان صفحة البلور) و الزجاج الشفاف (تزيد ما خلفها ظهورا و
لذلك يستعين
[قوله تنفصل عن المضىء] لا بد لهم من القول بتجددها في المضىء لئلا
يلزم الانقطاع أو وجود الاجسام الصغار الغير المتناهية بالفعل في مثل الشمس و هو
سفسطة لا سيما في الكيفيات لعدم قولهم بالكون و الفساد فيها [قوله و تتصل
بالمستضيء] من غير ان تداخله و لذا لا يستضيء عنه فيكون الجسم المستضيء مع
الضوء أكبر مقدارا منه اذا لم يتصل به فما قيل لو كان الضوء جسما يلزم التداخل أو
ازدياد حجم الجسم القابل للضوء و اللازم باطل ليس بشيء
(قوله ان الضوء أجسام) قد يقال لو كان الضوء جسما يلزم التداخل أو
ازدياد حجم الجسم القابل للضوء و اللازم بين الفساد كما لا يخفى فكذا الملزوم
(قوله و لذلك يستعين بها الطاعنون في السن) نقل عنه رحمه اللّه أن وجه الاستعانة
اما أن تلك الخطوط النورية تصفو و تزول كدورتها عند نفوذها في الشفاف أو لان
الزاوية الحادثة عند الرطوبة الجليدية تكون حينئذ أعظم فيرى المرئى أعظم و في شرح
المقاصد ربما يستعان بالحائل على ابصار الخطوط الدقيقة عند ضعف في الباصرة بحيث
يحتاج الى ما يجمع القوة (قوله و قد يجاب عنه بانه لو كان جسما) قيل لقائل أن يقول
يجوز أن يكون لجسم الضوء خاصة الاظهار فيزداد الجسم المقابل ظهورا عند ما ازداد
لتلك الخاصة أو لا يري أن الاعراض المرئية تمنع من رؤية اعماق الجسم لاشتغال الحس
بها مع أن الضوء لا يمنع و ما ذلك الا لخاصية فيه