واحد منهما عند الحس انكشافا تاما بخلاف الشكل و الحجم و اخواتهما
فانه لا يتعلق بشيء منهما رؤية ابتداء بل الرؤية المتعلقة بلون الجسم ابتداء
تتعلق هي بعينها ثانيا بمقداره و شكله و غيرهما فهي مرئية بتلك الرؤية لا برؤية
أخرى و لهذا لم ينكشف عند الحس انكشاف الضوء و اللون و من زعم أن الاطراف مرئية
بالذات جعلها مرئية برؤية أخرى مغايرة لرؤية اللون (و اعلم أنه لا يمكن تعريفهما)
أي تعريف الضوء و اللون (لظهورهما) فان الاحساس بجزئياتهما قد اطلعنا على ماهيتهما
لا يفي به ما يمكننا من تعريفاتهما على تقدير صحتها كما مر فى مباحث الحرارة (و ما
يقال) في تعريفهما (من أن الضوء كمال أول للشفاف من حيث هو شفاف) و انما اعتبر قيد
الحيثية لان الضوء ليس كما لا للشفاف في جسميته و لا في شيء آخر بل في شفافيته و
المراد بكونه كما لا أول انه كمال ذاتى لا عرضي (أو كيفية لا يتوقف ابصارها على
ابصار شيء آخر و من أن اللون بعكسه) أي كيفية يتوقف ابصارها على ابصار شيء آخر
هو الضوء فان اللون ما لم يصر مستنيرا لا يكون مرئيا (فتعريف بالاخفى)
[قوله لا يفى به ما يمكننا] لان الحاصل في الذهن بعد حذف مشخصات
الجزئيات نفس ماهيتها فهو تصور بالكنه الاجمالى و ما يمكننا من تعريفاتهما انما هو
الرسم لعدم الاطلاع على ذاتيات الماهية الحقيقية و هو يفيد العلم بالوجه و قد مر
تفصيله [قوله كمال أول للشفاف من حيث هو شفاف] و تحقيقه ان من الاجسام ما شأنه ان
لا يحجب تأثير المضيء فيما وراءه كالهواء و الماء و هو الشفاف و ما من شأنه الحجب
فمنه ما شأنه ان يرى من غير احتياج الى حضور شيء آخر بعد وجود المتوسط الشفاف و
هو المضىء كالشمس و منه ما يحتاج إليه و هو الملون فانه يحتاج في ظهوره و رؤيته
الى الضوء و الشفاف انما يصير شفافا بالفعل لوجود الضوء فالضوء ما يتم به شفافيته
و يصير به شفافا بالفعل بلا توسط أمر آخر فيكون كما لا ذاتيا له بخلاف اللون فانه
كمال للملون من حيث ملونيته ليس بكمال ذاتى له بل بواسطة الضوء و لذا فسره في
الشفاء بكيفية يكمل بالضوء من شأنها ان يصير الجسم مانعا لفعل المضىء فيما يتوسط
ذلك الجسم بينه و بين المضيء [قوله و المراد بكونه كمالا أول الخ] أى ليس الاول
هاهنا بالقياس الى الكمال الثانى كما في تعريف النفس و الحركة بل ان لا يكون كمالا
بواسطة أمر آخر و من هذا ظهر ان تبديل لفظ بذاتها على ما في الشفاء و المباحث من
انه كيفية هو كمال بذاتها للشفاف بقوله أول تبديل مخل [قوله يتوقف ابصارها] أى
بذاتها فلا يرد الكيفيات المبصرة بتبع اللون
(قوله أى كيفية يتوقف ابصارها) أي ابصارها بالذات و به يخرج الشكل
فانه كيفية يتوقف ابصارها على ابصار الضوء و اللون لكنه لا يبصر بالذات