المطلقة فهى منتهي الاشارات و مقصد الحركات المستقيمة على ما ستقف
عليه و اما مطلق الجهات فيتناول الاطراف القائمة بكل جسم اذ يمكن اعتبار انتهاء
الاشارة و الحركة إليها و هى واقعة بإزاء الجهات المطلقة فتسمي باسمائها و انما
حكمنا بان الفوق و التحت أعنى من الجهات المطلقة جهتان حقيقيتان لانهما جهتان
متمايزتان بالطبع فان بعض الاجسام العنصرية بطبعها تطلب الفوق و تهرب عن التحت كالنار
و الهواء و بعضها بالعكس كالارض و الماء و أيضا فهاتان الجهتان لا تتبدلان أصلا
فان القائم اذا صار منكوسا لم يصر ما يلى رأسه فوقا و ما يلى رجله تحتا بل صار
رأسه من تحت و رجله من فوق و كان الفوق و لتحت بحالهما و ما ذكر من حال المستلقى
لا يخرج الفوق أو التحت عن كونه فوقا أو تحتا بل يصير وجهه الى الفوق و قفاه الى
التحت نعم يتصف التحت و الفوق حينئذ بوصفين آخرين اعتباريين أعني كونهما قداما و
خلفا و أما باقي الجهات فلا تمايز بينها بالطبع و هي متبدلة بحسب الفرض كما مر و
قد يقال اذا فسر الفوق و التحت بما يلى السماء و الارض لم يتصور فيهما تبدل بخلاف
ما اذا فسر بما يلى رأس الانسان و قدمه بالطبع فانهما يتبدلان حينئذ كما اذا قام
شخصان على طرفي قطر واحد من الارض فان رأس كل واحد منهما و قدمه على المجرى
الطبيعي مع أن الجانب الّذي يلى رأس أحدهما يلى قدم الآخر فيكون ذلك الجانب فوقا
بالقياس الى الاول و تحتا بالقياس الى الثانى و يجاب بأن قولنا بالطبع ليس صفة
للقدم و الرأس بل هو متعلق بالفعل
[قوله فهي منتهى الاشارات و مقصد الحركات] أشار بصيغة الجمع الى عدم
اختصاصها بجسم دون جسم (قوله اذ يمكن اعتبار انتهاء الاشارة الخ) فهى منتهى اشارة
و حركة واقعتين في امتداد ذلك الجسم (قوله ليس صفة للقدم و الرأس) بان يكون ظرفا
مستقرا واقعا موقع الحال عنهما (قوله بل هو متعلق الخ) أى ظرف لغو يفيد التقييد به
كون الولى و القرب طبيعيا
و أما بالقوة فجهاتها غير متناهية اذ لا نقطة أولي بها من غيرها و
الحال في الجسم كالحال في السطح هذه عبارته فى الملخص و على هذا أسلوب كلامه في
المباحث المشرقية فليتأمل [قوله فهى منتهي الاشارات و مقصد الحركات المستقيمة]
فبالنظر الى الاول قيل أن جهة الفوق هى بحسب الفلك الاعظم لانه منتهي الاشارات
الحسية و مقطعها أو بالنظر الى الثاني قيل هى مقعر فلك القمر و الاول هو الصحيح
لان الاشارة اذا تعدت من فلك القمر كان الى جهة الفوق قطعا لكونها آخذة من جهة
التحت متوجهة الى ما يقابلها [قوله اذ يمكن اعتبار انتهاء الاشارة و الحركة إليها]
فانك اذا أشرت الى طرف المكعب كسطح من سطوحه مثلا فانه ينتهى اشارتك إليه و اذا
فرضنا حركة جسم فيه فانه اذا نفذ فيه المتحرك و تحرك تنتهى