الطير انخرق الهواء من قدامه و التأم من خلفه اذ لا يجوز الخلاء
عند أصحاب السطح فيلزم تحرك الهواء من تحرك الطير فالاولى ان يمثل بكرة تماس
بمحدبها مقعر كرة أخرى و بمقعرها محدث كرة ثالثة و تكون المتوسطة متحركة وحدها
فيكون مثالا لكل واحدة من حركتى الحاوى و المحوى وحده
الاحتمال الثانى
أنه أعنى المكان (بعد موجود ينفذ فيه الجسم) و ينطبق بعده عليه و
يسمى بعدا مفطورا لانه فطر عليه البديهة فانها شاهدة بأن الماء مثلا انما حصل فيما
بين أطراف الاناء من الفضاء ألا ترى أن الناس كلهم حاكمون بذلك و لا يحتاجون فيه
الى نظر و تأمل ثم ان القائلين بأن المكان هو البعد الموجود المجرد فرقتان فرقة
تجوز خلو هذا البعد عن الاجسام و هم أصحاب الخلاء و فرقة تمنعه (و هو) أي كون
المكان بعدا موجودا (مذهب أفلاطون) كما هو المشهور (اما أنه) أى البعد الّذي هو
المكان (موجود فلانه متقدر) اي يقبل التقدر (بالنصف و الثلث و الربع) و غير ذلك (و
يتفاوت) بالزيادة و النقصان (فان ما بين طرفى الطاس أقل مما بين طرفى سور المدينة
بالضرورة و لا شيء من المعدوم بمتقدر و متفاوت) لا يقال ذلك التقدر و التفاوت أمر
فرضى فان العقل يلاحظ
(قوله فيكون مثالا لكل واحدة) و ان كانت الحركة وضعية فان المقصود
بيان الاختلاف بين السطح و البعد في الاحكام المذكورة بان البعد لا حركة له أصلا
(قوله فطر) أى خلق (قوله حاكمون بذلك) و يقولون بتعاقب الاجسام المحصورة في الاناء
عليه (قوله فلانه يتقدر الخ) الاخصر فلما مر الا انه أعاد
(قوله فالاولى ان يمثل بكرة الخ) المقام و المساق فى الحركة الاينية
فالتمثيل بالكرة المذكورة ليس بذاك و المثال المطابق للمقام الماء المالئ للكوز
المنكوس المشدود الرأس اذا فتح فان مكانه السطح القائم بالكوز فقد تحرك المحوى و
أما الحاوى أعنى ذلك السطح فهو واقف (قوله لانه فطر عليه البديهة) و قيل لانه ينشق
فيدخل فيه الجسم بماله من البعد و هذا البعد عند القائلين به جوهر قابل للاشارة
الحسية غير مقارن للمادة مقارنة الابعاد الجسمية الحالة فيها فكأنه أمر متوسط بين
العالمين اعني الجواهر المجردة التى لا تقبل اشارة حسية و الاجسام التى هي جواهر
كثيفة ثم هذا البعد المجرد مساو لابعاد الاجسام باسرها فهو بعد بقدر قطر الفلك
الاعظم و كل بعد لجسم منطبق على بعض من ذلك البعد المجرد (قوله لا يقال ذلك التقدر
و التفاوت الخ) الحق في الجواب على ما أشير إليه في مباحث الزمان منع