شيئا تلحقه القبلية و البعدية لذاته غير ما يقال له في العرف انه
متقدم و متأخر كالاب و الابن و هو شيء لا يمكن أن يصير قبله بعد و لا بعده قبل)
لان ما تقتضيه ذات الشيء يستحيل انفكاكه عنه (و أما هذه الاشياء) التى توصف في
المتعارف بالقبلية و البعدية (فيمكن فيها ذلك) أعنى أن يصير قبلها بعد و بعدها قبل
(لانا لو فرضنا جوهر الأب من حيث هو جوهر لا يمتنع أن يوجد قبل ذلك) أى قبل الابن
(و لا بعده بل نسبة) جوهره الى القبلية و البعدية على سواء و كذا الحال في جوهر
الابن فانه من حيث هو جوهر لا يمتنع أن يوجد قبل الأب أو بعده (فهذه) الاشياء
(انما يلحقها التقدم و التأخر بسبب ذلك الامر) الّذي تلحقه القبلية و البعدية
لذاته (فكان الأب متقدما لكونه في زمان متقدم و الابن متأخرا لكونه في زمان متأخر
و لو لم يلاحظ ذلك) أى لو لم يلاحظ وقوعهما في ذلك الامر الذي هو معروض بالذات
للقبلية و البعدية (بل اعتبر الذاتان) أعنى جوهرى الأب و الابن (من حيث
(قوله تلحقه القبلية و البعدية لذاته) بمعنى ان هاهنا شيئا واحدا اذا
قسمه الوهم الى جزءين يحكم بان أحدهما قبل الآخر لاجل ذاته بحيث يمتنع أن يصير ما
هو قبل بعد و بالعكس لا ان شيئا واحدا يعرض له القبلية و البعدية لاجل ذاته حتى
يرد ان شيئا واحدا كيف يقتضي المتنافيين لذاته و لا ان شيئا واحدا يعرض له القبلية
و البعدية باعتبار اجزائه في الخارج لاجل ذاته حتى يرد انه يلزم أن يكون ذلك
الشيء كما منفصلا و ان تجتمع أجزاؤه في الوجود
لا يستلزم امتناع انفكاك أحدهما عن الآخر فاعتبر الحركة و الجسم و
غاية ما يتكلف ان يقال انه لما يبين ان عروض القبلية و البعدية للاب و الابن ليس
منشؤه ذاتيهما فلا بد له من منشأ حقيقى بالضرورة و لما علم ضرورة ان منشأه المنشأ
الحقيقى له أعني الامتداد الّذي لا يقبل لذاته الاجتماع بل بعض أجزائه مقدم و بعضه
مؤخر لذاته كما ينبه عليه انقطاع سؤال وجه تقدم ولادة زيد على ولادة عمرو و اذا
انتهي الجواب الي ان ولادة زيد في سنة ثمانين و ولادة عمرو في سنة تسعين على ما
سبق في مباحث الحدوث يكون جزؤه المقدم ظرفا للاب و جزؤه المؤخر ظرفا للابن أقام
قوله فلا بد من شيء آخر يتصف بهما لذاته مقام فلا بد من شيء آخر يكون منشأ لهما
لذاته لانه هو الدال على وجود الزمان بزعمهم فتأمل و اعلم ان اللازم من الدليل على
تقدير تمامه زيادة القبلية على الامور المذكورة و أما وجودها فلم يتعرض له في
الاستدلال حتى يثبت وجود معروضه أعنى الزمان و المسطور في كتب القوم بعد الاستدلال
على زيادتها بما ذكر انها وجودية لانها نقيض اللاقبلية كما مر مثله مرارا فتقرير
المصنف قاصر (قوله لان ما يقتضيه ذات الشيء يستحيل انفكاكه عنه) أى اقتضاء تاما
كما يتبادر عند الاطلاق و أما اذا لم يكن الاقتضاء تاما فقد ينفك المقتضي عنه
لمانع كتخلف البرودة عن الماء