قطعا (فقال غير أبى الحسين البصري و أبى الهذيل العلاف) و الكعبى و
متبعيه من البغداديين (من المعتزلة أن المعدوم الممكن شيء) أي ثابت متقرر في
الخارج منفك عن صفة الوجود (فان الماهية عندهم غير الوجود معروضة له و قد تخلو
عنه) مع كونها متقررة متحققة في الخارج و انما قيدوا المعدوم بالممكن لان الممتنع
منه منفى لا تقرر له أصلا اتفاقا (و منعه الاشاعرة مطلقا) أي في المعدوم الممكن و
الممتنع جميعا فقالوا المعدوم الممكن ليس بشيء كالمعدوم الممتنع (لان الوجود
عندهم نفس الحقيقة فرفعه رفعها) أي رفع الوجود رفع الحقيقة فلو تقررت الماهية في
العدم منفكة عن الوجود لكانت موجودة معدومة معا فلا يمكنهم القول بأن المعدوم شيء
(و به) أي بما ذهب إليه الاشاعرة (قال الحكماء) أيضا (فان الماهية) الممكنة و ان
كان وجودها زائدا على ذاتها الا أنها (لا تخلو عندهم عن الوجود الخارجى أو الذهني)
يعنى أنها اذا كانت متقررة متحققة فهي موجودة بأحد الوجودين
[قوله فقال الخ) الفاء لتفصيل المجمل السابق أي قال جمهور المعتزلة
بالجزء الاول من المسألة و خص الحكم بالمعدوم الممكن (قوله فان الماهية الخ) الفاء
للتفسير و تصوير للزيادة (قوله غير الوجود) فى الصدق سواء كان أمرا اعتباريا أو موجودا
(قوله و قد تخلو عنه) أي ليس من العوارض للماهية (قوله مع كونها متقررة الخ) تصريح
لما علم ضمنا من الخلو ليتضح المقصود كمال الاتضاح (قوله و منعه الاشاعرة) عطف على
قال و الضمير راجع الى أن المعدوم شيء ثابت و ليس راجعا الى أن المعدوم الممكن
شيء كما توهم فلا يصح تقييده بقوله مطلقا (قوله أي بما ذهب إليه الاشاعرة) من انه
لا شيء من المعدوم يثابت (قوله فان الماهية الممكنة] قيد بالممكنة لانها المتنازع
فيه فان عدم ثبوت الممتنعة متفق عليه (قوله اذا كانت الخ) أي ليس المراد ان
الماهية مطلقا لا تخلو عن أحد الوجودين فانها اذا كانت معدومة في الخارج و لم
يتصورها أحد كانت خالية عنهما بل المراد انهما على تقدير تقررها لا تخلو عن أحدهما
لان التقرر يرادف الوجود عندهم
(قوله و انما قيدوا المعدوم بالممكن الخ) لا يخفى عليك أن الأولى أن
يقيد المعدوم الممكن بغير الخيالى أيضا اذ الخياليات لا تقرر لها عندهم كما سيصرح
به (قوله يعني انها الخ) لما كان كثير من الماهيات الممكنة غير خارجة الى الوجود
العينى و غير متعلقة بالذهن فلم يصدق الحكم بعدم الخلو مطلقا صححه أولا بالعناية و
ثانيا بدليل عام فتأمل