الوجود (طبيعة نوعية) بل هو أمر عارض لافراده المتخالفة الحقائق
المقصد الرابع في الوجود الذهني
لا شبهة في أن النار مثلا لها وجود به تظهر عنها أحكامها و تصدر
عنها آثارها من الاضاءة و الاحراق و غيرهما و هذا الوجود يسمى وجودا عينيا و
خارجيا و أصيلا و هذا مما لا نزاع فيه انما النزاع في أن النار هل لها سوى ذلك
الوجود وجود آخر لا يترتب به عليها تلك الاحكام و الآثار أولا و هذا الوجود الآخر
يسمى وجودا ذهنيا و ظليا و غير
الوجود و ان كانت نوعية لجواز أن يكون من لوازم افرادها لان التجرد و
القيام بالذات متقدم على التشخص فلا يجوز أن يكون معللا به (قوله بل هو أمر عارض
الخ) فلاختلافها بالحقيقة يجوز أن يقتضي بعضها الزيادة و بعضها التجرد (قوله
أحكامها الخ) أي الاحكام المعلومة ثبوتها لها و الآثار المطلوبة منها لكل أحد كما
يشير إليه قوله لا شبهة و قوله و هذا مما لا نزاع فيه و البيان بقوله من الاضاءة و
الاحراق و في قوله يظهر و يصدر اشارة الى أن المراد بالاحكام ما لا يكون فاعلا له
و بالآثار ما يكون فاعلا له (قوله عينيا) أي منسوبا الى نفس الشيء لانه وجود
للشيء في نفسه بخلاف الذهنى فانه وجود لصورته و قوله أصيلا أي ذا أصل و عرق و ليس
ظلا و حكاية عن شيء (قوله في ان النار) لا يتوهمن من ذكر النار ان النزاع في
الوجود الذهنى للموجودات الخارجية فانه لمجرد التصوير (قوله تلك الاحكام و الآثار)
سواء ترتب عليه أحكام و آثار أخر أولا و بما حررنا لك في بيان معنى الوجود الخارجي
و الذهنى اندفع ما قيل ان أريد الآثار الخارجية لزم الدور و ان أريد الاعم دخل فيه
الوجود الذهنى فانه أيضا مبدأ للمعقولات الثانية و لا يحتاج الى ما قيل من انه لا
أحكام و لا آثار للوجود الذهنى و المعقولات الثانية آثار للصور الشخصية القائمة
بالذهن و هي من الموجودات الخارجية و لا الى ما قيل من أن المراد كونه فاعلا
للآثار و الموجود الذهنى ليس بفاعل و لا الى ما قيل المراد الآثار المختصة و
الآثار الذهنية مشتركة بين الموجودات الذهنية و لا الى ان المراد الخارجية بمعنى ما
يكون في الذهن لا بمعنى ما يكون باعتبار الوجود الخارجي فلا دور فان جميعها مع
كونه خروجا عن ظاهر العبارة
(قوله تظهر عنها أحكامها و تصدر عنها آثارها) المراد باحكام النار و
آثارها جميع ما لها اختصاص بها فاندفع ما يقال الفرق بين الوجودين بما ذكره غير
واضح اذ كما يترتب على الوجود العيني آثار و أحكام كذلك يترتب على الوجود الظلى
مثل الكلية و الجزئية و الجنسية و الفصلية و نحوها بل بعض ما يترتب على الوجود
الخارجي يترتب على الوجود الذهنى كلوازم الماهية و وجه الاندفاع أن العوارض الذهنية
ليس لها اختصاص بماهية واحدة بل كل منها شامل لماهيات كثيرة لا يعد في العرف من
خواص واحد منها و أما حديث لوازم الماهية فاندفع بقيد الجميع اذ بعض الآثار و ان
ترتب على الوجود الذهني و هو لوازم الماهية فجميعها لا يترتب الا على الوجود
الخارجي