الوجودات الخاصة مقتضية بذواتها لعارضها فتكون واجبة قلنا تلك
الوجودات ليست
(قوله مقتضية بذواتها الخ) اقتضاء الجزئي بكلية من غير فرق بين ما
يقوم بذاته و ما يقوم به و المنع بجواز اقتضاء فرد دون آخر مكابرة (قوله تلك
الوجودات الخ) يعنى ان المراد بالاقتضاء التام أن لا يحتاج في ذلك الاقتضاء الى
أمر فان ذلك يقتضي كونه قائما و موجودا بذاته و سائر الوجودات لاحتياجها الى
معروضاتها و الى علة عروضها ليست كذلك فلا تكون قائمة بذواتها و موجودة بنفسها
فاندفع ما توهم من أن الفرق المذكور انما هو في الاقتضاء فبعد الاقتضاء استقلالا
أم لا كيف لا يصح وجود زيد موجود مع صحة وجوده تعالى موجود و كذا اندفع ما أورده
الشارح القوشجى من أن الجواب غير مطابق لان مبني السؤال تفسير الوجوب بالاقتضاء و
مبني الجواب تفسيره بالاستقلال فانه وارد بالنظر الى ظاهر العبارة لا بالنظر الى
المقصود فتدبر
فى الخارج يلزم أن يكون شيء واحد قابلا و فاعلا لشيء واحد و هو
الوجود المطلق لان العارض و هو المطلق ممكن لاحتياجه الى معروضه و لا فاعل له غير
معروضه و هو الوجود الخاص الذي هو عين الواجب على زعمهم و لا شك أن المعروض قابل
لعارضه فيلزم أن يكون الشيء الواحد قابلا و فاعلا و يلزم أن يصدر عن الواحد اثنان
لان اتصافه بوجوده المطلق حينئذ أثر له و قد قالوا صدر عنه العقل الاول فانتقض
أصلان كبيران من أصولهم و أيضا صرحوا بان الوجود من المعقولات الثانية لانها انما
تعرض للاشياء في الذهن لا في الخارج و ان كان عروض المطلق للخاص في الذهن يلزم أن
لا يكون اقتضاؤه لمطلق الوجود لذاته لا بالاستقلال لاحتياجه الى العقل و الى
الحصول فيه و ما ذكره الشارح في حواشى التجريد من وجه الفرق بينه و بين وجود
الممكن على الشق الثاني من أن وجود الواجب مستغن في الخارج مع اقتضائه الوجود
المطلق في العقل و الممكن ليس كذلك فافترقا لا يغنى هاهنا من الحق شيئا لانه يجب
أن يكون الواجب لذاته مقتضيا وجوده من غير افتقار الى شيء أصلا و كان الكلام فيه
و لم يحصل مما ذكره هذا و لم يظهر الفرق بين الواجب و الممكن فيما هو المطلوب فأى
فائدة في بيان الفرق بوجه آخر فتأمل (قوله تلك الوجودات ليست مستقلة الخ) لا يقال
مقصود السائل لزوم واجبية الممكنات بمعنى اقتضاء الذات للوجود و حاصل الجواب أن
عدم لزوم واجبيتها بمعنى الاستغناء عن الغير و أين هذا من ذلك لانا نقول بل حاصل
الجواب أن معنى اقتضاء الذات للوجود الذي فسر به الوجوب هو الاقتضاء بالاستقلال
فلا يلزم المحذور هذا و الاظهر في الجواب أن يقال اقتضاء وجوده تعالى للمطلق
اقتضاء الحمل بالاشتقاق و لا كذلك اقتضاء الوجود الخاص للممكن مطلقه بل اقتضاؤه
للحمل بالمواطأة و أما ما ذكره من الجواب ففيه نظر لان الفرق حينئذ بين وجود
الواجب و وجود الممكنات هو الاقتضاء بالاستقلال في الاول دون الثانى فبعد الاقتضاء
استقلالا أم لا كيف لا يصح وجود زيد موجود مع صحة وجوده تعالى موجود