و الأشاعرة في علم الأصول، و المفسرين في علم التفسير، فإن رئيسهم
ابن عباس تلميذ له.
و المشايخ في علم السر و تصفية الباطن، فإن المرجع فيه إلى العترة
الطاهرة.
و علم النحو إنما ظهر منه. و بهذا قال: لو كسرت الوسادة ثم جلست
عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم، و بين أهل
الزبور بزبورهم و بين أهل الفرقان بفرقانهم. و اللّه ما من آية نزلت في بر أو بحر
أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل، أو نهار إلا و أنا أعلم فيمن نزلت، و في أي
شيء نزلت.
و أيضا هو أشجعهم يدل عليه كثرة جهاده في سبيل اللّه، و حسن إقدامه
في الغزوات، و هي مشهورة غنية عن البيان، و لهذا قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:
لا فتى إلا علي، و لا سيف إلا ذو الفقار.
و قال (صلى اللّه عليه و سلّم) يوم الأحزاب: لضربة علي خير من عبادة
الثقلين.
و أيضا هو أزهدهم لما تواتر من إعراضه عن لذات الدنيا مع اقتداره
عليها لاتساع أبواب الدنيا عليه. و لهذا قال: يا دنيا إليك عني، إليّ تعرضت أم
إليّ تشوقت، لا حان حينك، هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، فقد طلقتك ثلاثا لا
رجعة فيها، فعيشك قصير، و حظك يسير، و أملك حقير. و قال: و اللّه لدنياكم هذه أهون
في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم. و قال: و اللّه لنعيم دنياكم هذه أهون عندي من
عفطة عنز.
و أيضا هو أكثرهم عبادة حتى روي أن جبهته صارت كركبة البعير لطول
سجوده.
و أكثرهم سخاوة حتى نزل فيه و في أهل بيته:وَ يُطْعِمُونَ
الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً[1].
و أشرفهم خلقا و طلاقة وجه، حتى نسب إلى الدعابة،
[1]سورة الإنسان آية رقم 8 قال عطاء عن
ابن عباس و ذلك أن علي بن أبي طالب نوبة أجر نفسه يسقي نخلا بشيء من شعير ليلة،
حتى أصبح و قبض الشعير و طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه، يقال له-