و عن محمد ابن الحنفية، قلت لأبي: أي الناس خير بعد النبي (صلى اللّه
عليه و سلّم) قال: أبو بكر قلت: ثم من؟ قال: عمر. و خشيت أن أقول. ثم من، فيقول
عثمان فقلت: ثم أنت، قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. و عن علي (رضي اللّه عنه):
خير الناس بعد النبيين أبو بكر ثم عمر، ثم اللّه أعلم.
و عنه (رضي اللّه عنه) لما قيل له: ما توصي؟ قال: ما أوصى رسول اللّه
(صلى اللّه عليه و سلّم) حتى أوصي و لكن إن أراد اللّه بالناس خيرا جمعهم على
خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم.
و أما الأمارات فما تواتر في أيام أبي بكر من اجتماع الكلمة، و تألف
القلوب و تتابع الفتوح و قهر أهل الردة و تطهير جزيرة العرب عن الشرك، و إجلاء
الروم عن الشام و أطرافها، و طرد فارس عن حدود السواد، و أطراف العراق مع قوتهم و
شوكتهم و وفور أموالهم، و انتظام أحوالهم و في أيام عمر من فتح جانب المشرق إلى
أقصى خراسان، و قطع دولة العجم و ثل عرشهم الراسبي البنيان، الثابت الأركان.
و من ترتيب الأمور، و سياسة الجمهور، و إفاضة العدل، و تقوية
الضعفاء، و من إعراضه من متاع الدنيا و طيباتها و ملاذها و شهواتها. و في أيام
عثمان من فتح البلاد، و إعلاء لواء الإسلام، و جمع الناس على مصحف واحد مع ما كان
له من الورع و التقوى، و تجهيز جيوش المسلمين[1]، و الإنفاق في نصرة الدين،
و المهاجرة هجرتين، و كونه ختنا للنبي (صلى اللّه عليه و سلّم) على ابنتين، و
الاستحياء من أدنى شين، و تشرفه بقوله (عليه السلام): عثمان أخي و رفيقي في الجنة،
و قوله (صلى اللّه عليه و سلّم): ألا أستحي ممن تستحي منه ملائكة السماء[2]. و قوله (صلى اللّه عليه و سلّم): إنه رجل يدخل الجنة بغير حساب.
قال: تمسكت الشيعة
[1]يقول عبد الرحمن بن خباب- رضي اللّه
عنه شهدت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم- و هو يحث على تجهيز جيش العسرة فقام
عثمان بن عفان فقال: يا رسول اللّه عليّ مائة بعير بأحلاسها و أقتابها في سبيل
اللّه ثم حض على الجيش فقام عثمان فقال: يا رسول اللّه عليّ مائتا بعير بأحلاسها و
أقتابها في سبيل اللّه، ثم حض على الجيش فقام عثمان بن عفان فقال: عليّ ثلاثمائة
بأحلاسها و أقتابها في سبيل اللّه فقال رسول اللّه: ما على عثمان ما فعل بعد هذه.