الصحابة إلا الكمالات، و لم يسلكوا مع رؤساء المذاهب من علماء
الإسلام إلا طريق الإجلال و الإعظام. و ها هو الإمام علي بن موسى الرضى مع جلالة
قدره و نباهة ذكره، و كمال علمه و هداه و ورعه و تقواه، قد كتب على ظهر كتاب عهد
المأمون له ما ينبئ عن وفور حمده و قبول عهده و التزام ما شرط عليه، و إن كتب في
آخره و الجامعة و الجفر يدلان على ضد ذلك. ثم أنه دعا للمأمون بالرضوان، فكتب في
أثناء أسطر العهد تحت قوله: و سميته الرضى رضي اللّه عنك و أرضاك، و تحت قوله: و
يكون له الأمرة الكبرى بعدي. بل جعلت فداك. و في موضع آخر:
وصيتك رحم، و جزيت خيرا. و هذا العهد بخطهما موجود الآن في المشهد
الرضوي بخراسان، و آحاد الشيعة في هذا الزمان لا يسمحون لكبار الصحابة بالرضوان
فضلا عن بني العباس. فقد رضوا رأسا برأس. و من البين الواضح في هذا الباب ما كتبه
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: فقد جعلت لآل بني كاكلة على كافة بيت المسلمين كل
عام مائتي مثقال ذهبا عينا إبريزا كتبه ابن الخطاب. فكتب أمير المؤمنين علي (رضي
اللّه عنه): للّه الأمر من قبل و من بعد و يومئذ يفرح المؤمنون، أنا أول من اتبع
أمر من أعز الإسلام، و نصر الدين و الأحكام، عمر بن الخطاب، و رسمت بمثل ما رسم
لآل بني كاكلة في كل عام مائتي دينار ذهبا عينا إبريزا، و اتبعت أثره، و جعلت لهم
بمثل ما رسم عمر إذ وجب عليّ و على جميع المسلمين اتباع ذلك، كتبه علي بن أبي
طالب. و هذا بخطهما موجود الآن في ديار العراق.
قال:الأول (أن بعد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) إماما و ليس غير علي (كرم
اللّه وجهه) لانتفاء الشرائط من العصمة و النص الأفضلية.
والجوابمنع الاشتراط، ثم منع الانتفاء في حق أبي بكر (رضي اللّه عنه)).
هذا هو الوجه العقلي. و تقريره أنه لا نزاع في أن بعد الرسول (صلى
اللّه عليه و سلّم) إماما، و ليس غير علي. لأن الإمام يجب أن يكون معصوما، و
منصوصا عليه، و أفضل أهل زمانه، و لا يوجد شيء من ذلك في باقي الصحابة. أما
العصمة و النص فبالاتفاق. و أما الأفضلية فلما سيأتي و هذا يمكن أن يجعل أدلة
ثلاثة بحسب الشروط، و ربما يورد في صورة