عن أمر الناس؟ فقال: عظم المصيبة، و رأيتكم استغنيتم برأيكم. فاعتذر
إليه أبو بكر، ثم أشرف على الناس فقال: هذا علي بن أبي طلب، و لا بيعة لي في عنقه
و هو بالخيار في أمره، ألا فأنتم بالخيار جميعا في بيعتكم إياي، فإن رأيتم لها
غيري، فأنا أول من يبايعه، فقال علي: لا نرى لها أحدا غيرك.
فبايعه هو و سائر المتخلفين. محل نظر. ثم الإجماع على إمامته على
أهليته لذلك، مع أنها من الظهور بحيث لا يحتاج إلى البيان.
الثاني- أن المهاجرين و الأنصار اتفقوا على أن الإمامة لا تعدو أبا بكر و
عليا و العباس، ثم إن عليا و العباس بايعا أبا بكر و سلما له الأمر. فلو لم يكن
على الحق، لنازعاه كما نازع علي معاوية لأنه لا يليق لهما السكوت عن الحق، و لأن
ترك المنازعة يكون مخلا بالعصمة الواجبة عندكم، فيخرجان عن أهلية الإمامة.
فتعين أبو بكر للاتفاق على أنها ليست لغيرهم.
فإن قيل:إذا لم يكن على الحق، كيف يتعين إماما على الحق؟ و هل هذا إلا تهافت؟
قلنا:عدم كونه على الحق إذا استلزم كونه على الحق، كان باطلا، لأن ما يفضي
ثبوته إلى انتفائه كان منتفيا قطعا و فيه المطلوب. و قد يجاب بأنه يجوز أن لا يكون
على الحق بفضل علي عليه و استحقاقه الإمامة دونه، ثم يبطل ذلك الفضل و الاستحقاق بترك
ما وجب من المنازعة، فيصير أبو بكر هو الإمام بالحق.
فإن قيل:يجوز أن يكون ترك المنازعة لمانع التقية، و خوف الفتنة.
قلنا:قد سبق الجواب، و اللّه أعلم.
الثالث- قوله تعالى:وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوامِنْكُمْ وَ
عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ[1]وعد الخلافة لجماعة من المؤمنين المخاطبين، و لم يثبت لغير الائمة
الأربعة، فيثبت لهم على الترتيب.