و علامته طول الحسرة و البكاء. و اكتفى المعتزلة باعتقاد أنه إساءة،
و أنه لو أمكنه رد المعصية، لردها. لأن أهل الجنة يندمون على تقصيرهم، و لا حزن. و
لأن العاصي مكلف بالتوبة دائما. و قد لا يمكنه تحصيل الحزن).
و هي في اللغة الرجوع. يقال: تاب و ناب أو أناب إذا رجع. فإذا أسند
إلى العبد، أريد رجوعه عن الزلة إلى الندم. و إذا أسند إلى اللّه تعالى، أريد رجوع
نعمه و ألطافه إلى عباده.
و في الشرع هي الندم على المعصية لكونها معصية، و قيد بذلك، لأن
الندم على المعصية لإضرارها ببدنه، أو إخلالها بعرضه أو ماله، أو نحو ذلك لا تكون
توبة. و أما الندم لخوف النار، أو طمع الجنة، فهل تكون توبة؟ فيه تردد مبني على أن
ذلك هل يكون ندما عليها لقبحها و لكونها معصية أم لا؟ و كذا في الندم عليها لقبحها
مع غرض آخر. و الحق أن جهة القبح إن كانت بحيث لو انفردت لتحقق الندم فتوبة. و إلا
فلا، كما إذا كان الغرض مجموع الأمرين، لا كل واحد منهما. و كذا في التوبة عند مرض
مخوف بناء على أن ذلك الندم هل يكون لقبح المعصية أم لا؟ بل للخوف، كما في الآخرة
عند معاينة النار، فيكون بمنزلة إيمان اليأس.
و الظاهر من كلام النبي (عليه السلام) قبول التوبة ما لم تظهر علامات
الموت. و معنى الندم تحزن و توجع على أن فعل، و تمني كونه لم يفعل. و لا بد من هذا
للقطع بأن مجرد الترك كالماجن إذا مل مجونه فاستروح إلى بعض المباحات ليس توبة. و
لقوله (عليه السلام): الندم توبة[1]. و
قد يزاد قيد العزم على ترك المعاودة في المستقبل. و اعترض بأن فعل المعصية في
المستقبل قد لا
[1]الحديث رواه ابن ماجه في كتاب الزهد
30 و الإمام أحمد بن حنبل في المسند 1: 276، 423، 423 (حلبى).