حيث يقال: رزقه اللّه ولدا صالحا. و أراد بالعبد ما يشمل البهائم
تغليبا، و تفسيره بالملك ليس بمطرد و لا منعكس لدخول ملك اللّه تعالى و خروج رزق
الدواب، بل العبيد و الإماء مع الاختلال[1]بما في مفهومه من الإضافة إلى الرازق، اللهم الا أن يقال المراد
المملوك أي المجعول ملكا بمعنى الإذن في التصرف الشرعي فيه معنى الإضافة، و لا
يشمل ملك اللّه تعالى و يدخل رزق غير الإنسان بطرق التغليب. لكن لا بد مع هذا من
قيد الانتفاع. و حينئذ فخروج ملك اللّه تعالى ظاهر، و من فسره بالانتفاع أراد[2]المنتفع به، أو أخذ الرزق مصدرا من المبني للمفعول[3]، أي الارتزاق، و لما كان
الرزق مضافا إلى الرازق و هو اللّه تعالى وحده، لم يكن الحرام المنتفع به رزقا عند
المعتزلة لقبحه. و قد عرفت فساد أصلهم، و لزمهم أن من لم يأكل طول عمره إلا الحرام
لم يرزقه اللّه تعالى و هو باطل لقوله تعالىوَ ما مِنْ
دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها[4].
و أجيب بأنه تعالى قد ساق إليه كثيرا من المباح إلا أنه أعرض عنه
لسوء اختياره على أنه منقوض بمن مات و لم يأكل حلالا و لا حراما، فجوابكم جوابنا.
قالوا لو كان الحرام رزقا لما جاز دفعه عنه[5]، و لا الذم و لا العقاب
عليه[6].
قلنا:ممنوع و إنما يصح لو لم يكن مرتكبا للمنهي عنه[7]مكتسبا للقبح من الفعل سيما في مباشرة الأسباب لأن السعي في تحصيل
الرزق قد يجب و ذلك عند الحاجة، و قد يستحب، و ذلك عند قصد التوسعة على نفسه و
عياله، و قد يباح و ذلك عند قصد التكثير من غير ارتكاب منهي، و قد يحرم و ذلك عند
ارتكاب المنهي كالغصب و السرقة و الربا.