قال (المبحث الثاني اللطف و التوفيق) (و العصمة خلق قدرة الطاعة، و
الخذلان خلق قدرة المعصية فالموفق لا يعصي و بالعكس و قيل العصمة[1]أن لا يخلق اللّه تعالى في العبد الذنب، و قيل خاصية يمتنع بسببه
صدور الذنب عنه، و قالت الفلاسفة ملكة تمنع الفجور مع القدرة عليه، و قالت
المعتزلة اللطف ما يختار المكلف عنده الطاعة تركا أو إتيانا أو يقرب منهما مع
تمكنه في الحالين، و يسميان المحصل و المقرب، و يختص المحصل للواجب باسم التوفيق،
و ترك القبيح باسم العصمة، و قيل: التوفيق:
خلق لطف يعلم اللّه أن العبد يطيع عنده. و الخذلان منع اللطف، و
العصمة لطف لا داعي معه إلى ترك الطاعة، و لا إلى ارتكاب المعصية مع القدرة
عليهما. قالوا:
و اللطف يختلف باختلاف المكلفين، و ليس في معلومه ما هو لطف في حق
الكل، و من هاهنا حملوا المشيئة في مثل قوله تعالىوَ لَوْ شِئْنا
لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها[2]على
مشيئة قسر و إلجاء).
خلق قدرة الطاعة، و الخذلان خلق قدرة المعصية، و العصمة هي التوفيق
بعينه، فإن عممت كانت توفيقا عاما، و إن خصصت كانت توفيقا خاصا كذا ذكره إمام
الحرمين[3]و قال: ثم الموفق لا يعصي إذ لا قدرة له على المعصية و بالعكس،
[1]العصمة: المنع يقال: عصمه الطعام أي
منعه من الجوع، و العصمة أيضا الحفظ، و قد عصمه يعصمه بالكسر، عصمه فانعصم، و
اعتصم باللّه أي امتنع بلطفه من المعصية، و قوله تعالىلا عاصِمَ
الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِيجوز أن يراد لا
معصوم أي لا ذا عصمة فيكون فاعل بمعنى مفعول، و المعصم موضع السوار من الساعد، و
اعتصم بكذا و استعصم به إذا تقوى و امتنع، و في المثل: كن عصاميا و لا تكن عظاميا
يريدون به قوله: