قال (المبحث الرابع) (لا قبيح من اللّه تعالى و إن كان هو الخالق
للكل، و لا واجب عليه و إن حسن أفعاله بحكم الشرع.
و المعتزلة لما قالوا بوجوب أشياء عليه، و ثبوت قبائح بالعقل ذهبوا
إلى أن يفعل البتة ما وجب و يترك ما قبح فوقع الإيقان على أنه لا يفعل قبيحا، و لا
يترك واجبا، و اضطروا في تفسير الواجب عليه تعالى ثم اضطروا إلى أن معناه أنه
يفعله البتة، و إن جاز تركه و هو مع كونه رجما بالغيب مجرد تسمية).
لا خلاف في أن الباري لا يفعل قبيحا، و لا يترك واجبا. أما عندنا
فلأنه لا قبح منه و لا واجب عليه لكون ذلك بالشرع، و لا يتصور في فعله. و أما عند
المعتزلة فلأن كل ما هو قبيح منه فهو يتركه البتة، و ما هو واجب عليه فهو يفعله
البتة. و سيجيء ذكر ما أوجبوا عليه، فإن قيل: الكفر و الظلم و المعاصي كلها
قبائح، و قد خلقها اللّه تعالى.
قلنا:نعم إلا أن خلق القبيح ليس بقبيح، فهو موجد القبائح لا فاعل لها.
فإن قيل:فلا يفعل الحسن أيضا لأنه لا حكم عليه أمرا كما لا حكم عليه نهيا.
و الإجماع على خلافه.
قلنا:قد ورد الشرع بالثناء عليه في أفعاله فكانت حسنة لكونها متعلق المدح،
و الثناء عند اللّه تعالى، و أما إذا اكتفى في الحسن بعدم استحقاق الذم في حكم
اللّه تعالى فالأمر أظهر.
فإن قيل:الذي ثبت من مذهبنا هو أنه لا واجب عليه بمعنى أن شيئا من أفعاله