المخاطب علم المتكلم بما أخبر عنه أو إرادته لما أمر به[1]لم يكن بعيدا، لكنني لم أجده في كلامهم، و أنا قد وجدت في كلام
الإمام الزاهديّ من[2]المعتزلة ما يشعر[3]بذلك
حيث قال:
لا نسلّم وجود حقيقة الأخبار و الطلب في الصورتين المذكورتين[4]بل إنما هو مجرد إظهار أماراتها، و قريب من ذلك ما قال إمام الحرمين
في الإرشاد[5]. فإن قالوا: الذي يجده في نفسه هو إرادة جعل اللفظة الصادرة عنه أمرا
على جهة ندب أو إيجاب فهذا باطل. لأن اللفظ يتصرم مع أن الطلب بحاله، و الماضي لا
يراد، بل يتلهف عليه، و بالضرورة نعلم أن ما نجده بعد انقضاء اللفظ ليس تلهفا، و
لأن اللفظة تكون ترجمة عمّا في الضمير، و بالضرورة نعلم، أنها ليست ترجمة عن إرادة
جعلها على صفة بل عن الاقتضاء[6]و
الإيجاب، و نحو ذلك ثم شاع فيما بين أهل اللسان إطلاق اسم الكلام و القول على
المعنى القائم بالنفس: يقولون: في نفسي كلام،؛ و زورت في نفسي مقالة، و قال
الأخطل[7]:.
إن الكلام لفي الفؤاد و إنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
[5]كتاب الإرشاد في الكلام: للإمام أبي
المعالي عبد الملك بن عبد الله الجوينيّ المتوفي سنة 478 ه شرحه تلميذه أبو القاسم
سليمان بن ناصر الأنصاريّ المتوفي سنة 512 ه و قام بتحقيقه و التعليق عليه الدكتور
محمد يوسف موسى و الدكتور على عبد المنعم.
[7]هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارق- بن
عمرو من بني تغلب أبو مالك شاعر اشتهر في عهد بني أمية بالشام و أكثر من مدح
ملوكهم نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة و اتصل بالامويين فكان شاعرهم له ديوان
شعر مطبوع و لعبد الرحيم بن محمود مصطفى «رأسالأدب الكمل في
حياة الاخطل». توفي عام 90 ه راجع دائرة المعارف الإسلامية 1: 515