في أنه تعالى متكلم تواتر القول بذلك عن الأنبياء عليهم الصلاة و
السلام مع ثبوت صدقهم بالمعجزات من غير توقف على الكلام و قد يستدل بأن ضده في
الحي نقص أو قصور في الكمال على ما قد مرّ ثم كلامه عندنا صفة أزلية منافية للسكوت
و الآفة يدل عليها بالعبارة أو الكتابة ليست من جنس الأصوات و الحروف، و خالفنا في
ذلك جميع الفرق ذهابا إلى أن المعقول من الكلام هو الحي دون النفي و لم يقل بقدمه
إلا[1]الحنابلة[2]و
الحشوية[3]جهلا منهم أو عنادا إذ لا خفاء في ترتب أجزائه و امتناع بقائه و زعم
الكرامية أنه مع حدوثه قائم بذات اللّه تعالى و سموه قوله.
[2]الحنابلة أتباع أحمد بن حنبل، و هم
يعتمدون على نصوص الكتاب و السنّة، و فكرة العالم الإسلاميّ عنهم أنهم يتشددون في
أمر العقيدة و يقول عنهم المستشرق (لاوست) ما من مرة هوجم الإسلام سياسيا أو
عسكريا إلا اتجه نحو المذهب الحنبلي الذي ينادي في قوة و حماس بالرجوع إلى السنّة.
[3]الحشوية: فرقة من فرق المعتزلة، سموا
كذلك نسبة إلى الحشو، و يقصد به أسافل الناس، كما يقصد به الزائد من الكلام. أي
اللغو، ذلك أن الحشوية أو أهل الحشو أخذوا بظواهر القرآن دون تبصر حتى وقعوا في
الاعتقاد بالتجسيم.