يكون وجوده أيضا أزليا، لكن المقدم حق، إذ لو كان في الأزل ممتنعا ثم
يصير ممكنا فيما لا يزال، لزم انقلاب المحال، فكذا التالي، وجه اللزوم أنه إذا كان
الإمكان مع صحة التأثير متحققا في الأزل، و لا يوجد الأثر إلا فيما لا يزال، كان
ذلك تركا للجود مدة لا تتناهى، و ذلك لا يليق بالجواد المطلق.
و الجواب: بعد تسليم امتناع ترك الجود. أنه إنما يلزم لو أمكن وجود العالم
في الأزل على أن يكون الأزل ظرفا للوجود و هو ممنوع، و الثابت بالبرهان[1]استحالة الانقلاب، هو أن وجوده ممكن في الأزل، على أن يكون الأزل
ظرفا للإمكان. ألا ترى أن الحادث بشرط الحدوث ممكن أزلا، و وجوده في الأزل محال
دائما، و قد سبق ذلك في بحث الوجوب و الإمكان و الامتناع.
دليل ثالث على قدم العالم و الرد عليه
[قال (الثالث) إن الجسم مركب من مادة هي
قديمة، لامتناع تسلسل المواد، و من صورة هي لازمة للمادة لما مرّ فيكون قديما، و
الجواب: منع المقدمات].
قد سبق الكلام على ما يدعيه الفلاسفة من تركب الجسم من الهيولي و
الصورة[2]، و كون الهيولي قديمة و
كونها غير منكفة عن صورة ما.
قال ابن سينا و الامكان إما أن يعني به ما يلازم سلب ضرورة العدم و
هو الامتناع.
و أما أن يعني به ما يلازم سلب الضرورة في العدم و الوجود جميعا
(الاشارات 24) فاعتبار الذات وحدها لا يخلو اما أن يكون مقتضيا لوجوب الوجود أو
مقتضيا لامتناع الوجود (النجاة ص 367) و نحن نسمي إمكان الوجود قوة الوجود (الشفاء
2- 477 و النجاة 385)
[2]الصورة في اللغة: الشكل الهندسي
المؤلف من الأبعاد التي تتحدد بها نهايات الجسم، كصورة الشمع المفرغ في القالب فهي
شكله الهندسي و من قبيل ذلك صورة التمثال، و الأنف، و الجبل، و الغيم فهي تدل على
الأوضاع الملحوظة في هذه الأجسام كالاستدارة و الاستقامة و الاعوجاج.
و الصورة عند الفلاسفة مقابلة للمادة و هي ما يتميز به الشيء
مطلقا فإذا كان في الخارج كانت