(قال:المبحث السابع: العقل[1]الذي
هو مناط التكليف قال الشيخ: هو العلم ببعض الضروريات.
و قيل: القوة التى تحصل عند ذلك بحيث يتمكن بها من اكتساب النظريات،
و هو معنى الغريزة التى يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، و القوة التى
بها يميز بين الأمور الحسنة و القبيحة).
لا خلاف فى أن مناط التكاليف الشرعية هو العقل حتى لا يتوجه على
فاقديه من الصبيان و المجانين و البهائم، و سيجيء أن لفظ العقل مشترك بين
[1]العقل في اللغة: هو الحجى و النهى، و
قد سمي بذلك تشبيها بعقل الناقة، لأنه يمنع صاحبه من العدول عن سواء السبيل كما
يمنع العقال الناقة من الشرود.
و الجمهور يطلق العقل على ثلاثة أوجه. الأول: يرجع إلى وقار
الإنسان و هيئة، و يكون حده أنه هيئة محمودة للإنسان في كلامه و اختياره و حركاته
و سكناته. و الثاني: يراد به ما يكتسبه الإنسان بالتجارب من الأحكام الكلية، فيكون
حده أنه معان مجتمعة في الذهن تكون مقدمات تستنبط بها الأغراض و المصالح و الثالث:
يراد به صحة الفطرة الأولى في الإنسان، فيكون حده أنه قوة تدرك صفات الأشياء من
حسنها و قبحها و كمالها و نقصانها.
(راجع معيار العلم للغزالي ص 162).
أما الفلاسفة فيطلقون العقل على المعاني الآتية: 1- أول هذه
المعاني قولهم: إن العقل جوهر بسيط مدرك للأشياء بحقائقها.
(الكندي: رسالة في حدود الأشياء و رسومها).
و هذا الجوهر ليس مركبا من قوة قابلة لفساد (ابن سينا: الإشارات ص
178).