و محل الخلاف هو التعلق بالمتعدد على التفصيل، و من حيث إنه كثير فلا
يكون التعلق بالمجموع المشتمل على الأجزاء من هذا القبيل ما لم يلاحظ الأجزاء على
التفصيل و يرد على الإمام أن الجواز الذهني- أعني عدم الامتناع عند العقل بالنظر[1]إلى كون العلم صفة ذات إضافة لا يستلزم الجواز الخارجى- أعني عدم
الامتناع فى نفس الأمر على ما هو المتنازع لجواز أن يمتنع بدليل من خارج كما قيل،
و إن كان ضعيفا أنه ليس عدد أولى من عدد فلو تعلق بما فوق الواحد لزم تعلقه بما لا
نهاية له، و كما قال أبو الحسن الباهلي: إنه يمتنع فى المعلومين النظريين، و إلا
يلزم اجتماع النظرين فى علم واحد ضرورة أن النظر المؤدي إلى وجود الصانع غير
المؤدي إلى وحدته.
و أجيب بمنع اللزوم لجواز أن يكون المعلومان بعلم واحد حاصلين بنظر
واحد، إذ لا امتناع فى أن يحصل بنظر واحد أمور متعددة كالنتيجة و نفي المعارض و
كون الحاصل علما لا جهلا، و كما قال القاضي[2]و إمام الحرمين[3]: إنه
يمتنع إن كان[4]المعلومات. بحيث يجوز انفكاك العلم بأحدهما عن العلم بالآخر، و إلا
يلزم جواز انفكاك الشيء عن نفسه ضرورة أن العلم بهذا نفس العلم بذاك، و التقدير
جواز انفكاكهما.
و أجيب بأنه يكفي في جواز الانفكاك كونهما معلومين بعلمين فى
[1]النظر: تأمل الشيء بالعين، و النظر:
تقليب البصيرة لإدراك الشيء و رؤيته، و قد يراد به التأمل و الفحص، و قد يراد به
المعرفة الحاصلة بعد الفحص و قوله تعالى:انْظُرُوا ما
ذا فِي السَّماواتِسورة يونس آية 11. و النظر: الانتظار قال تعالى:انْظُرُونا
نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْسورة الحديد آية 13. و يستعمل أيضا في التحير في الأمر. قال تعالى:فَأَخَذَتْكُمُ
الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَسورة البقرة آية
45.
و النظر: و هو أعم من القياس، لأن كل قياس نظر، و ليس كل نظر قياس.
(راجع بصائر ذوي الميز بتصرف ج 4 ص و ما بعدها).
[2]القاضي: هو محمد بن الطيب بن محمد بن
جعفر أبو بكر الباقلاني، ت 403 ه. سبق الترجمة له.
[3]إمام الحرمين: هو عبد الملك بن عبد
اللّه بن يوسف بن محمد الجويني، ت 478. سبق الترجمة له.