بقى النظر[1]في
دلالة قولنا: تميزا في المسموع على أن يكون ما به التميز مسموعا، و في أن الحدة و
الثقل من المسموعات بخلاف الغنة و البحوحة، و الحق أن معنى التميز في المسموع ليس
أن يكون ما به التميز مسموعا، بل أن يحصل به التميز في نفس المسموع بأن يختلف
باختلافه، و يتحد باتحاده كالحرف بخلاف مثل الغنة و البحوحة و غيرها. فإنها قد
تختلف مع اتحاد المسموع و بالعكس، و ما وقع في الطوالع من أن الحروف كيفيات تعرض
للأصوات فيتميز بعضها عن البعض في الثقل و الخفة كلام لا يعقل له معنى، و كأنه جعل
قوله في الثقل متعلقا بمحذوف أي[2]عن
البعض المماثل له في الثقل، و أراد بالخفة الحدة و ترك قيد التميز في المسموع
لشهرته، و كفى بهذا اختلالا. و الحق أن تعريف الحرف بما ذكر تعريف بالأخفى، و كان
المقصود مزيد تفصيل للماهية الواضحة عند العقل، و تنبيه على خصوصياتها.
الحروف تنقسم إلى صامتة و مصوتة
(قال:و ينقسم إلى صامت و مصوت مقصور هي الحركات، و ممدود هي المدات، و
معنى الحركة هاهنا الكيفية الحاصلة من إمالة مخرج الحرف، أي[3]مخرج احدى المدات فإلى الواو ضمه و إلى الألف فتحة، و إلى الياء كسرة،
و امتناع الابتداء بالمصوت لذاته لا لسكونه للقطع بإمكان الابتداء بالساكن و إن لم
يجز استعماله في بعض اللغات، كالوقف على المتحرك و الجمع بين الساكنين من الصامت
إلا لقصور في الآلة.
و ينقسم أيضا إلى آني كالطاء، و زماني كالفاء).
الحركات الثلاث تعد عندهم في الحروف و تسمى المصوتة[4]المقصورة و الألف و الواو و الياء إذا كانت ساكنة متولدة من حركات
تجانسها،